الدكتور نضال المجالي
مقالي موجه للجالس امام كاميرا تلفزيونية في مناظرة ويحاول إقناع الجمهور ان نصرا تحقق في غزة وابناءه جالسون تحت المكيف، مقالي موجه لعضو حزب يركب صندوق بكب هايلوكس من الخلف يحمل مكبر صوت يهتف النصر قريب خلف جمع غفير أنهى صلاة الجمعة وزوجته تنتظره على طنجرة مقلوبة في البيت، مقالي موجه للجالس امام وجبة شاورما دبل وعلبة مشروب غازي من الأنواع غير المقاطعة ويقول اننا قد نجحنا في تحقيق خسائر لشركات اجنبية فيها الالاف العمال من الأردنيين تعطلوا، مقالي موجه لمن يستحم مرتين يوميا ومرحاض بيته يضخ الماء بعد كل دخول وخروج منه ويقول لأبناء غزة اصبروا ونساء غزة لا مرحاض يستر قضاء حاجتهم ولا ماء ليغتسلوا، مقالي موجه لكل من كتب عنوانا في مكان مقروء او مسموع وضن انه يسجل في خطابه رفعا لهمم ونسي ان اصحاب الهمم في الدفاع من اهل الداخل في غزة لا ورق صحف ولا بث قناة يصلهم فكانت غايته تسجيل لايك وشير ووصفه انه صامد محب عروبي، مقالي موجه لكل من سيعترض على حقيقة ما اراه واقتنع ان لا شك فيه في وقت لا اصدق بمن يتحدث بها ويؤكدها سوى الملايين من كل متضرر بما عاشته غزة واهل غزة والآلاف ممن يدفعون مقابل خروج آمن لارض غربة جديده.
مقالي عنوانه هو ما عشناه ونعيشه دون مجاملة وان عارضه الكثيرون من الفئات اعلاها او فوقهم يزيد من اي فئة وجماعة تنظير، مقالي يقراءه ويؤكده حجم وامتداد وازدياد غير متوقف في قوائم ترصد الدمار في الشجر والحجر والإبادة البشرية في الصغير والكبير والأمراض المنتشرة في الزوايا والمجازر المستمرة في الاحياء والنقص لمستوى الندرة في الطعام والماء والعلاج في كامل القطاع، عنوان مقالي موسوم مرسوم على وجوه وجباه جميع شعوب ودول العرب والاسلام سواء من اهتم وانتفض لغزة او تابع وقلب الصفحة او غير المحطة وكأنه يتابع حلقة من برنامج وثائقي، عنوان مقالي ليس اساءة او تخاذل بل جراءة قول لكلام يكرره السواد الأعظم في سره فسكت عنه حتى لا يتهم او يطاله تشويه.
في غزة خسر الجميع إلا الشهيد فالنصر ليس قصص بطولات تروى بل نتائج تعيشها الاجيال ولا يمكن تجاوزها، النصر ليس دبابة او جرافة تحرق وجندي وقع في الأسر وعلامة مثلث حمراء اشتهرت اعلاميا، النصر ليس أغنية تزلزل لمطرب او تغريدة لصاحب مكانة او ناشط، النصر ليس تحليل لمعركة بربطة عنق واقامة فندقية، النصر ليس بمؤتمرات واستنكارات ولغة قوية تغلق بها التوصيات، وبالتأكيد النصر ليس طرود اغاثة ولجان تقييم ترسل، ومن يقول ان لكل حرب خسائر فخسائر غزة كاملة وواقع لتكرار نزوح وانفصال ارض وشعب عن ارضه من جديد.
في غزة خسرنا جميعا إلا الشهيد وبقايا الحلم العربي في نفوسنا، فما نعيشه هو نشوة متابعة فئة واحدة وقفت وقاتلت المحتل فاثبتوا للجميع ان لهم فرصة في حياة عزة لهم وللعرب والمسلمين من جديد وسحق خلفهم الاطفال والنساء والشيوخ، نعم هي ليست اكثر من نشوة نصر في خطبنا وتصريحاتنا ومسيراتنا ودليل ذلك اننا انتقلنا إلى مرحلة احتساب وعد ايام صمود اهل غزة لا اكثر وكانها ايام كغيرها تضاف للجرح الفلسطيني، والمصيبة ان من لم يعجبه كلامي هو نفسه من حجز لبرنامج من سبعة ايام في شرم الشيخ او قبرص ليستمتع ولهم الحق في استمتاعهم، ولكن دون حق ان يهاجم اي تفكير للإشارة الى خسارة كبيرة نعيشها في قطاع غزة وفي قطاعات خارج غزة ومنها قطاع السياحة في الأردن مثلا وندعوا الله رفع أثقالها عن اهل غزة وعن الاردن.