بعد عملية “طوفان الأقصى” التي وقعت في 7 أكتوبر/ الماضي، لاحظت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية تغيرات في سلوك الإسرائيليين المالي، حيث أصبحوا يولون اهتمامًا أكبر للسيولة المالية ويفضلون إيداع أموالهم في حسابات جارية.
وبحسب تقرير الصحيفة، ارتفعت أرصدة الحسابات الجارية في نوفمبر الماضي بمقدار 20.5 مليار شيكل (5.57 مليارات دولار) لتصل إلى 475.3 مليار شيكل (129.25 مليار دولار)، واستمرت الزيادة في ديسمبر/ حتى بلغت 497.6 مليار شيكل (135.3 مليار دولار) في نهاية السنة.
ونقلت الصحيفة تصريحات مصادر مصرفية تشير إلى أن هذه الزيادة تعكس رغبة الإسرائيليين في الاحتفاظ بسيولة مالية عالية وسائلة في مواجهة أي أزمة قد تطرأ، حيث يفضلون عدم تجميد أموالهم لفترات طويلة خاصة في ظل الغموض الأمني والسياسي وربما الاقتصادي الذي يعيشونه.
وحسب الصحيفة، صارت أرصدة الحسابات الجارية للإسرائيليين في البنوك مقياسا لحالة الاقتصاد خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أنه مع بدء بنك إسرائيل (المركزي) رفع سعر الفائدة في أبريل/2022 حوّل عملاء البنوك مليارات الشواكل إلى أدوات ادخار تدر فائدة، مثل الودائع المصرفية وصناديق سوق المال (صندوق مشتركة تستثمر في أدوات الدين عالية الجودة وقصيرة الأجل وما يعادلها من النقد) وسوق رأس المال، ولكن في نهاية العام تغير التوجه العام لتزداد أرصدة الحسابات الجارية.
كما توضح تقارير من صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية أن توقف خروج الأموال من الحسابات الجارية حدث في ظل توقعات المحللين ببدء بنك إسرائيل في خفض الفائدة قبيل نهاية عام 2023، وهو ما تم تنفيذه في يناير الماضي. وقد قامت البنوك بخفض الفائدة على الودائع مسبقًا، على الرغم من أنه كان لا يزال من الممكن الحصول على فائدة تصل إلى 4% على الودائع لمدة 12 شهرًا، إلا أن المودعين فضلوا الحفاظ على السيولة.
وتُظهر البيانات المالية للبنوك الأربعة هذا الاتجاه، حيث انخفضت أرصدة الحسابات الجارية التي لا تحمل فوائد في بنك هبوعليم بمقدار 44 مليار شيكل (12 مليار دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، ثم ارتفعت بقيمة 4 مليارات شيكل (مليار دولار) في الربع الأخير من السنة.
وفي بنك مزراحي، تراجعت أرصدة الحسابات الجارية التي لا تحمل فوائد بمقدار 20 مليار شيكل (5.4 مليارات دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى، ثم ارتفعت بقيمة 5 مليارات شيكل (1.35 مليار دولار) في الربع الأخير.
وفي بنك ديسكونت، تراجع رصيد الحسابات الجارية التي لا تحمل فوائد بمقدار 16 مليار شيكل (4.35 مليارات دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى، تلاه ارتفاع بقيمة 1.5 مليار شيكل (407.9 ملايين دولار) في الربع الأخير. وكانت الأرقام مماثلة في البنك الدولي الأول.
ورأت الصحيفة أن السبب الآخر المحتمل لارتفاع أرصدة الحسابات الجارية هو أن الإسرائيليين أنفقوا أقل في الأشهر الأولى من الحرب، ولم تكن ثمة رحلات جوية تقريبا إلى الخارج، إذ أغلقت الشركات أبوابها أو قلصت نشاطها، وانخفض الإنفاق عبر بطاقات الائتمان بنسبة 7.3% في أكتوبر/تشرين الأول مقارنة بالشهر المقابل من 2022، وانخفضت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 5.5% على أساس سنوي.
وبالإضافة إلى ذلك تم تجنيد آلاف الإسرائيليين كجنود احتياط في الجيش، ولا يزال بعضهم يرتدون الزي العسكري، وبينما حافظ معظمهم على مستويات دخلهم أو حتى زادوها بفضل المنح تقلص إنفاقهم، إذ ينفق جنود الاحتياط بشكل عام أقل على الترفيه والمطاعم والسياحة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التطورات مشابهة لما حدث وقت وباء كورونا عندما أنفقت الأسر أقل ونمت المدخرات.
ومع احتلال الأمن قمة أولويات الإسرائيليين قد يتراجع اهتمامهم بشؤونهم المالية، وتقول الصحيفة إنها لاحظت ذلك من خلال عمليات السحب من صناديق التدريب المتقدم، والتي زادت أرصدتها مع ارتفاع الفائدة، وبينما بلغ متوسط عمليات السحب في النصف الأول من السنة الماضية ملياري شيكل شهريا كان المتوسط في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 1.6 مليار شيكل (435.1 مليار دولار) فقط.