4 ملفات تهيمن على مباحثات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض مساء الاثنين، وذلك خلال اللقاء الثاني الذي يعقد بينهما منذ تسلم الأخير مهامه في 20 يناير/كانون الثاني 2025.
وفضلا عن الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها ترامب على دول العامل ومنها إسرائيل التي طالتها نسبة 17 بالمئة، يبحث اللقاء المرتقب ملفات غزة وإيران وسوريا.
ومساء الأحد، وصل نتنياهو – المطلوب للعدالة الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية بغزة – إلى واشنطن، لعقد اللقاء الذي جرى تنظيمه على عجل بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن نتنياهو يقيم خلال رحلته في مبنى “بلير هاوس” وهو بيت الضيافة الأمريكي قبالة البيت الأبيض.
ويتوقع أن يمكث نتنياهو حتى الثلاثاء للقاء نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في واشنطن، قبل أن يعود إلى إسرائيل الأربعاء للمثول أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على اتهامات الفساد الموجهة له، بحسب صحيفة “هآرتس” العبرية.
- سعي لإزالة الرسوم الجمركية
في 2 أبريل/نيسان الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي فرض رسوم جمركية قال إنها “متبادلة” على جميع دول العالم بنسب متفاوتة أدناها يبلغ 10 بالمئة.
وأثار قرار ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 17 بالمئة على المنتجات الإسرائيلية مخاوف في تل أبيب من تأثيره على التبادل التجاري بين الجانبين.
وقبل يوم واحد من اتخاذ القرار، ألغت تل أبيب جميع الرسوم الجمركية على البضائع الأمريكية أملا بألّا يفرض ترامب رسوما على المنتجات الإسرائيلية.
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال في بيان أرسل نسخة منه للأناضول، الاثنين، إنه فور وصوله واشنطن التقى نتنياهو مع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، وممثل التجارة الأميركية جيمسون غرير.
ووصف مكتب نتنياهو اللقاء بأنه “دافئ ومثمر”، دون مزيد من التفاصيل، ويأمل نتنياهو من ترامب إزالة الرسوم الجمركية التي فرضت على إسرائيل.
وفي السياق، وجّه رئيس اتحاد الصناعيين في إسرائيل، رون تومر، الاثنين، نداء عاجلاً إلى نتنياهو، مطالبًا الحكومة بالتحرك دبلوماسيًا لإلغاء قرار ترامب فرض رسوم جمركية على الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن تومر قوله، إن “هذه الرسوم قد تؤدي إلى انخفاض بنحو 2.3 مليار دولار سنويًا في حجم الصادرات الإسرائيلية، وقد تتفاقم الخسائر إلى 3 مليارات دولار في حال شملت الرسوم مستقبلًا قطاعات الأدوية والرقائق الإلكترونية التي استُثنيت مؤقتًا من القرار”.
وأضاف أن “ما بين 18 إلى 26 ألف عامل في قطاعات التصدير في إسرائيل قد يفقدون وظائفهم نتيجة لتطبيق هذه الرسوم”، لافتًا إلى أن “قطاع التكنولوجيا المتقدمة (هاي تك) سيكون المتضرر الأكبر”.
وتابع تومر أن “هذه الرسوم تشكل “تهديدا مزدوجا” لقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وإن فرض رسوم على صادرات المعدات الصلبة سيؤثر مباشرة أيضًا على صادرات البرمجيات والخدمات المصاحبة لها، بسبب الطبيعة المتكاملة للنموذج التجاري في هذا القطاع”.
ووفقا لتومر فإن “شركات عالمية عاملة في إسرائيل قد تتأثر كذلك بالقرار، مما قد يؤدي إلى تقليص الاستثمارات الأجنبية وتقويض خطط التوسع المستقبلية لشركات إسرائيلية ناشئة”.
وبحسب هيئة البث “يأتي هذا التحذير في ظل تدهور في بورصة تل أبيب وتوتر اقتصادي متصاعد، عقب إعلان واشنطن فرض الرسوم الجديدة على خلفية ما وصفته بالمعاملة التجارية غير المتوازنة من جانب إسرائيل”.
** غزة.. سعي للضغط على الوسطاء
الأحد، قال نتنياهو: “من هنا (المجر) أغادر إلى الولايات المتحدة بدعوة من الرئيس ترامب، للتحدث معه حول هذه القضايا: الرهائن، وتحقيق النصر في غزة، وبالطبع نظام الرسوم الجمركية المفروض على إسرائيل. آمل أن أتمكن من المساعدة في هذه القضية. هذا هو هدفي”.
والاثنين، نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن مكتب نتنياهو أنه “سيتحدث أيضًا مع ترامب بشأن الرهائن (الأسرى الإسرائيليين)، وسيحاول إقناعه بتصعيد الضغط الأمريكي على الدول التي تسعى للتوسط في صفقة لإعادتهم”.
وقالت الصحيفة: “ليس من الواضح نوع الضغط الذي يمكن ممارسته على تلك الدول والذي لم يُمارس بالفعل، نظرًا لوضوح مواقف الطرفين الرئيسيين في المفاوضات”.
وتابعت: “تريد إسرائيل إما هزيمة حماس، أي إنهاء سيطرتها المدنية على قطاع غزة ونفي قادتها، أو مواصلة القتال حتى تحقيق هذا الهدف. لكن حماس تريد انتهاء الحرب وسحب إسرائيل لقواتها من غزة”.
وعلقت الصحيفة: “يقع الرهائن وسكان غزة بين هذين الموقفين المتعارضين. قد يُنقذ اتفاق جزئي أو مؤقت بعض الرهائن الأحياء، الذين يتناقص عددهم، كما صرّح مسؤول حكومي كبير للصحفيين المرافقين لنتنياهو في المجر”.
وتابعت: “تأمل إسرائيل أن تُخفف حماس من موقفها بشأن عدد الرهائن الذين ترغب في إطلاق سراحهم في مثل هذه الصفقة، والتي كان من المفترض أن تتم قبل بدء عيد الفصح (اليهودي) السبت، لكنها تبدو الآن عالقة”.
وذكرت الصحيفة أنه “حتى الآن، عرضت حماس إطلاق سراح 5 رهائن مقابل وقف إطلاق نار مؤقت. وتُريد إسرائيل إطلاق سراح المزيد من الرهائن وأن يكون وقف إطلاق النار قصيرًا قدر الإمكان”.
ولفتت إلى أنه “من المقرر أن يحضر المبعوث الأمريكي (للشرق الأوسط) ستيف ويتكوف جزءًا من اجتماع ترامب-نتنياهو، لذا من المُحتمل أن يُسفر الاجتماع عن بعض التقدم في هذه القضية”، وفق تقييمها.
وتحدثت هآرتس عن أن “مكتب نتنياهو مقتنع بأن إدارة ترامب تُدرك ضرورة تدمير حماس، ولذلك لا يتوقع منها الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب. إلا أن ما قد يُزعزع هذه القناعة هو زيارة ترامب المُخطط لها الشهر المُقبل إلى الشرق الأوسط، وعلى رأسها السعودية”، وفق قولها.
واستدركت: “لا شك أن حرب غزة ستحتل مكانة بارزة في لقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولن يرغب ترامب في إنهاء أول زيارة دبلوماسية له في ولايته الحالية دون نتائج ملموسة، ويفضل أن تكون مُبهرة”.
وبنهاية 1 مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين “حماس” إسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن رئيس نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/ آذار الجاري، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمنية، وفق إعلام عبري.
** سوريا ولبنان.. و”التهديد إيران”
من جهة ثانية، نقلت هآرتس عن مسؤول إسرائيلي لم تسمّه، قوله إنه “من المتوقع أن يُطرح موضوع (الحديث عن) تمركز تركيا في سوريا في اجتماع نتنياهو مع ترامب، ومناقشة المسألة اللبنانية إلى حد ما”.
ونقلت عن مصدر مقرّب من نتنياهو، أن “هدف رئيس الوزراء هو إقناع ترامب بالضغط بقوة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لمنع، أو على الأقل الحدّ من، ترسيخ (وجود) تركيا عسكريًا في سوريا”.
لكن الصحيفة علّقت بالقول: “يبدو أن دوائر نتنياهو تنسب إلى ترامب قدرات خارقة للطبيعة وقدرته على ترهيب الحلفاء”.
كما أشارت إلى أنه “من المتوقع أيضًا أن تُطرح القضية الإيرانية على طاولة اجتماع ترامب-نتنياهو. نظريًا، تنتهي المهلة التي حددها ترامب للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (..) بعد شهر واحد فقط”.
لكن هآرتس أوضحت أنه “إذا حصل نتنياهو على الضوء الأخضر من ترامب للانتقال من العمل الدبلوماسي إلى العسكري بعد ذلك، فمن المفترض ألا يُذكر ذلك في تصريحاتهما العلنية، الاثنين”.
وفي 2 أبريل الجاري، هدد ترامب بفرض عقوبات إضافية على إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، وذكر أن واشنطن ستقرر بشأن الرسوم الجمركية الإضافية على إيران بناءً على ما إذا كانت ستتوصل إلى اتفاق أم لا بالخصوص.
وفي 12 مارس/ آذار الفائت، سلّم المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، المرشد الإيراني علي خامنئي رسالة من ترامب، فيما ردت طهران على الرسالة عبر سلطنة عمان.
وفي 31 مارس، أفاد التلفزيون الإيراني بأن طهران أرسلت مذكرة احتجاج إلى سويسرا، التي تدير المصالح الدبلوماسية الأمريكية في طهران، ردا على تهديدات ترامب باستهداف أراضيها.
والسبت، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة “من موقع الندية وليس تحت التهديد”.
وفي مقابلة مع شبكة “فوكس بيزنس” في 7 مارس، ذكر ترامب أنه بعث رسالة إلى خامنئي قال فيها: “آمل أن تتفاوضوا لأن دخولنا عسكريا سيكون شيئا مروعا”.
من جهتها، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن اللقاء “سيركز على مجموعة من القضايا الاستراتيجية، الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية، مع التركيز بشكل خاص على أزمة الرهائن، والتهديد الإيراني، والمخاوف الإسرائيلية من النفوذ التركي في سوريا، والرسوم الجمركية الأمريكية”.
والأسبوع الماضي، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن نتنياهو “يتابع بقلق التقارب بين الإدارة السورية الجديدة وتركيا”.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد منهية 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
** خطة تهجير فلسطينيي غزة
وأضافت: “سيُطلع نتنياهو الرئيسَ ترامب على الدول التي وافقت بالفعل على استقبال فلسطينيين من غزة، مع أنها طلبت مقابلًا آخر غير التعويضات المالية”، وفق قولها، دون ذكر ما هي هذه الدول.
وتابعت الصحيفة: “في بعض الحالات، كان الطلب رفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، وفي حالات أخرى، أرادت هذه الدول تعزيز مصالحها”.
وأردفت: “يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن ترامب لا يزال متمسكًا بخطته لغزة، والتي تتضمن نقل السكان المحليين (الفلسطينيين) خلال إعادة الإعمار، مع أنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم إعادتهم إلى المنطقة”.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي يروج ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية وأوروبية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وكثفت إسرائيل منذ أيام عملياتها البرية وهجماتها الجوية ضد قطاع غزة، بعدما انتهكت بشكل كامل منذ 18 مارس اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، وتوعد نتنياهو بتصعيد الإبادة الجماعية هناك وتنفيذ مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الأناضول