عمان – اعتبر قانونيون وسياسيون، إقرار المجلس الوزاري المصغرة لدولة الاحتلال ما سمي بـ”خطة سموتريتش”، بأنه تهديد للأردن، بخاصة وأنها تدعو إلى التوسع الاستيطاني من الجهة الشرقية للأراضي الفلسطينية.
وقالوا إنّ هذه الخطة الصهيونية، انتهاك صريح لقواعد القانون الدولي، ولاتفاقية السلام بين السلطة الفلسطينية والاحتلال. لافتين إلى أن الاحتلال في القانون الدولي “قوّة محتلّة”، وبموجبه فهي “مقيّدة” لا تمتلك السلطة لتغيير الوضع القانوني للأراضي الخاضعة للاحتلال، كما لا تمتلك نزع الملكيات الفردية من الأفراد، مؤكدين أنّ هذا “انتهاك لقواعد القانون الدولي”.
وأضافوا أن الخطة تضرب اتفاقية السلام بالحائط، فعدم التزام الاحتلال ببنود اتفافية السلام، يعني أن الاتفاقيّة لاغية.
وتشمل خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش “شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، ونشر عطاءات (قرارات)، لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات”، وسحب صلاحيات تنفيذية من السلطة الفلسطينية جنوبي الضفة، وتطبيق القانون الصهيوني في المناطق “ب”، الخاضعة لسيطرة مدنية وإدارية فلسطينية.
وصنفت اتفاقية “أوسلو 2” في العام 1995 أراضي الضفة إلى 3 مناطق “أ” إذ يفترض خضوعها لسيطرة فلسطينية كاملة، وتقدر مساحتها بـ21 % من مساحة الضفة، لكن الاحتلال اجتاحها خلال انتفاضة الأقصى في العام 2000.
المنطقة الثانية مصنفة “ب”، وتخضع لسيطرة أمنية صهيونية ومدنية وإدارية فلسطينية، وتُقدر بنحو 18 % من مساحة الضفة، بينما تخضع المنطقة “ج” لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية للاحتلال بمساحة 61 %، ويُحظر على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء فيها إلا بتصريح رسمي من الاحتلال. وهذه، موزعة ومتناثرة في أنحاء الضفة، ولا تتصل أراضيها ببعضها جغرافيا.
أستاذ القانون الدولي د. عبد السلام هماش، قال إنّ الاحتلال في القانون الدولي “قوّة محتلّة”، وبموجبه “مقيّدة”، موضحا أنّ سلطاته بإدارة الأراضي المحتلّة مقيدة، وهي تقدم الخدمات المدنيّة للخاضعين له، بينما لا تملك أي حق ذي طابع سيادي على الأراضي المحتلة، ولا سلطة تغيير الوضع القانوني للأراضي الخاضعة للاحتلال، ولا نزع الملكيات الفردية من الأفراد، مؤكدا أنّ هذا “انتهاك لقواعد القانون الدولي”.
وأضاف هماش، أنّ الكيان الصهيوني موقع على اتفاقية سلام مع السلطة (أوسلو)، وبموجبه فإنّ مناطق: “أ” و”ب” و”ج”، خاضعة للسلطة الفلسطينية، وبالتالي فإنّ الاحتلال ينتهكها، لافتا إلى أنّ عدم التزامه باتفافية السلام يعني أنّ “الاتفاقيّة لاغية”، وأي تغيير جوهري لنصها يلغيها.
واعتبر أن خطة الكيان تأتي في سياق التهجير القسري لسكان الضفة، وهذا يستتبع ضرورة التحرك الدولي من مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والجمعية العامة، لرفض هذه الممارسات.
الخبير والناشط الحقوقي كمال المشرقي أكد أنّ ممارسات الكيان المحتل ساقطة شرعا وقانونا وأخلاقا، موضحا أنه ووفقا للقانون الدولي، فإن الاحتلال للأراضي الفلسطينية الأطول في العصر الحديث، ولا يمنح الحق للمحتل بشرعنة المستوطنات، أو أي من الإجراءات المرتبطة بها.
وأضاف المشرقي، أنه منذ بدء الاحتلال، يصادر الكيان الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات، ويُدمر المنازل الفلسطينية كجزء من سياساته لإخلائها من سكانها الأصليين، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين، وسبق للكيان بناء مئات المستوطنات في الأراضي المحتلة، إذ يعيش حاليا مئات آلاف المستوطنين بمعاناة شديدة من النزوح القسري والحرمان من الخدمات الأساسية، تمتد لأجيال وأجيال، مؤكدا أنّ “هذه المستوطنات غير قانونية وفقا للقانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسة إقليميا ودوليا، وتؤدي لتوترات عالمية”.
وقال إنّ وجود الاحتلال في الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية منذ العام 1967، انتهاك للقانون الدولي، والقرارات الدولية تدعو باستمرار لانسحابه منها، وتعتبر مستوطناته على الأراضي الفلسطينية انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل المدنيين من الدولة المحتلة إلى الأراضي التي تحتلها.
وأضاف أنه من منظور أخلاقي، تُعتبر الممارسات التي تشمل هدم المنازل، ومصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية، فالاستيطان بحد ذاته جريمة وفقا للقوانين الدولية، وأي أفعال تتبع ذلك تعتبر غير قانونية وباطلة.
وبين المشرقي، أن ممارسات الاستيطان تنتهك حقوق الإنسان وتعوق تحقيق السلام العادل والدائم. وأن ممارساته تعوق أيضا الحياة اليومية للفلسطينيين، وتفاقم التوترات والنزاعات في المنطقة.
الخبير العسكري والسياسي نضال أبو زيد اعتبر بأنّ إقرار الخطة، يأتي في سياق مخطط صهيوني بقيادة اليمين المتطرف ممثلا بـ”بن غافير” الهادف لتطبيق سياسة التوسع الاستطانية باتجاه المناطق الشرقية من الضفة، كما أنّ إعلان البؤر الاستطانية، يأتي في إطار محاولات الكيان للسيطرة على أكبر مساحة جغرافية من مناطق الضفة.
ولفت أبو زيد إلى أنّ عقلية اليمين المتطرف، قائمة على فكرة إقامة الوطن البديل، وهو يلوح بهذا الخيار بين حين وآخر، وقد ظهر ذلك بوضوح عندما استخدم سموترييش خريطة تضم الأردن للأراضي المحتلة.
وأضاف، أنّ هذا الإعلان تجاوز لاتفاقية السلام مع السلطة الفلسطينية، وكسر للاتفاقيات والأعراف الدولية، إذ ينقض البنود التي وردت فيها وبما يتعلق بجزئية السيطرة على المناطق التي تخضع إداريا للسلطة الفلسطينية وتحديدا مناطق (أ، ب، ج).
وقال أبو زيد، إن هذا التبدد والكسر للاتفاقيات الدولية من حكومة اليمين المتطرف، يأتي عقب محاولة “فرض حالة عقاب جماعي” على الضفة، جراء ما يقع من خسائر في قوات الاحتلال بقطاع غزة، والضفة، خصوصا مع عمليات استهداف ناقلات جنوده بمخيمي نور شمس وجنين، إذ إنّ نموذج غزة بدأ ينتقل لمناطق في الضفة.
وقال أبو زيد إنّ “الماكنة العسكرية والأمنية تذهب باتجاه العقاب الأمني والعسكري في مخيمات الضفة، وإذ يقودها اليمين المتطرف، تذهب باتجاه العقاب الجماعي عبر التوسع في البؤر الاستيطانية، والتعدي على المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية”.
وأضاف أن حكومة المتطرف بنيامين نتنياهو، تتبنى منذ تسلمها- في سياق كسب ود اليمين الصهيوني- تقدم على زيادة البؤر الاستيطانية، وقد فعل نتنياهو منذ توليه الرئاسة ذلك، ونادى بتوسيعها وحمايتها.
نتنياهو صامت تجاه تجاوزات كيانه لاتفاقية السلام، لأنه يدرك تماما بأنه لا يستطيع مواجهة الأحزاب اليمينية في حكومته (الائتلاف الحكومي)، التي تتبنى السياسة الاستطيانية، إذ قد تهدد بحل الائتلاف الحكومي.
ويرى أبو زيد، أنّ هذه الخطة تشكل تهديدا للأردن، ونقضا لاتفاقية السلام، وتعمل على توسيع المناطق الاستيطانية، وهذا يعني مستوطنات أكثر قرب الحدود الأردنية، وتعد على سيادة السلطة الفلسطينية في الضفة.
يشار إلى أنّ سموتريتش، قد أدلى العام الماضي بتصريحات أمام خريطة للكيان، تضم الأردن والأراضي الفلسطينية، أنكر فيها وجود شعب فلسطيني، قائلا إنه “اختراع وهمي لم يتجاوز عمره 100 سنة”.