الرئيسية محلياتطائر “خبيث” يغزو الأردن.. ودعوة لتحرك عاجل

طائر “خبيث” يغزو الأردن.. ودعوة لتحرك عاجل

من admin3
A+A-
Reset

انتشر طائر المينا كان يقتصر سابقا على موطنه الأصلي في جنوب آسيا، بسرعة في جميع أنحاء الأردن خلال العقد الماضي، ليصبح طائرا حضريا معروفا، إلا أن تنامي وجوده أثار اهتماما وقلقا متزايدين من علماء البيئة والمزارعين على حد سواء.

وترسم دراستان أجراهما عالم الطيور الأردني فارس خوري صورة شاملة لتوسع هذا الطائر، وأسبابه، وتأثيره المتطور على الزراعة والتنوع البيولوجي في المملكة.

ووفقًا لخوري، سُجِّل وجود طائر المينا الشائع لأول مرة في الأردن عام 2010، بالقرب من البحر الميت، ومنذ ذلك الحين توسّع بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد، ليس بسبب المناخ، بل بسبب النشاط البشري.

وباستخدام نمذجة توزيع الأنواع وأكثر من عقد من البيانات الميدانية، خلصت إحدى الدراستين إلى أن العامل الرئيسي لانتشار طائر المينا هو التحضر وتغيرات استخدام الأراضي – وليس درجة الحرارة أو هطول الأمطار.

وتُوفر المناطق المُعدّلة بفعل الإنسان، مثل الطرق السريعة والمزارع والمدن ومكبات النفايات، مواقع تعشيش ومصادر غذائية وافرة.

ومكّنت قدرة الطائر على قطع مسافات طويلة – تصل أحيانًا إلى 60 كيلومترًا – من إنشاء مواقع تكاثر معزولة في بلدات نائية على طول الطرق الصحراوية، وهذا يؤكد على قدرته على التكيف وغزو المناطق.

مرتبة أدنى بين التهديدات

ومع ذلك، يُشير تقرير متابعة أعده خوري إلى أن التأثير الحالي للطائر على الزراعة قد يكون محدودا، وإن كان لا ينبغي تجاهله.

وبناءً على مقابلات مع 98 مزارعا في منطقة جنوب الشونة، أشار معظم المشاركين إلى ندرة المياه وملوحة التربة والطقس المتطرف كأهم التهديدات لمحاصيلهم. وبينما كانت الآفات والأمراض مصدر قلق أيضًا، احتلت الطيور – بما في ذلك طائر المينا – مرتبة أدنى بين التهديدات.

ولم يكن لدى سوى 22% من المزارعين دراية كافية بطائر المينا لتحديده بدقة. ومن بين هؤلاء، اعتبره تسعة فقط مشكلة كبيرة.

وأُلقي باللوم أحيانًا على هذا النوع في إتلاف فواكه مثل العنب أو التغذي على محاصيل خضراوات مثل الكوسا، لكن معظمهم أشاروا إلى أن هذا الطائر يميل إلى البحث عن الحشرات أو بقايا الطعام بالقرب من المناطق السكنية بدلا من مهاجمة المحاصيل مباشرة.

وأشار التقرير إلى أنه “يبدو أن نوع الزراعة في جنوب وادي الأردن – وخاصة الخضراوات – لا يجذب طائر المينا بقوة”. “فوجوده الرئيسي يكون بالقرب من المخلفات البشرية والبنية التحتية، وليس داخل الحقول”.

ومع ذلك، نصح الباحثون بتوخي الحذر. ففي حين أن التأثير الحالي في جنوب الشونة ضئيل، فإن المزارعين في أجزاء أخرى من الأردن الذين يزرعون محاصيل مختلفة – وخاصة الفاكهة – قد يواجهون تهديدات أكبر

ويوصي التقرير بإجراء دراسات أوسع نطاقا ومراقبة طويلة المدى للكشف عن التغيرات في السلوك أو التأثير.

القلق الأكبر: التنوع البيولوجي

لعل الأمر الأكثر إثارة للقلق من الآثار الزراعية هو قدرة هذا الطائر على تعطيل النظم البيئية المحلية، حيث حذّرت الدراسة من أن طائر المينا قد يتفوق على الطيور المحلية التي تعشش في التجاويف، بل ويفترس بيض أو فراخ الأنواع الأصغر حجما.

وتعكس هذه المخاوف آثارًا مماثلة لوحظت في أستراليا ودول أخرى حيث أصبح هذا الطائر غازيا.

في وادي غربة، إحدى مناطق الحفظ الرئيسية في الأردن بالقرب من موقع المعمودية، أجرى الباحثون أكثر من 50 ساعة في مراقبة الطيور.

وفي حين أن طيور المينا الشائعة كانت موجودة في بعض المواقع على جوانب الطرق والمباني، إلا أنها لم تستعمر مناطق الأراضي الرطبة بعد أو تتسبب في نزوح واضح للأنواع المحلية مثل طيور آكل النحل أو طيور الرفراف. ومع ذلك، لوحظت أنها تسيطر على موقع عش على عمود أسمنتي تستخدمه عصافير الدوري  وهي علامة مبكرة على صراع محتمل.

تحدٍّ إقليمي

يُصنف طائر المينا الآن في الأردن كنوع غازٍ تمامًا – نوع يبقى وينتشر ويتكاثر في العديد من البيئات الطبيعية والبشرية. وبينما قد يبدو وجوده في المزارع والمدن حميدًا اليوم، إلا أن آثاره طويلة المدى قد تكون بعيدة المدى.

يدعو الباحثون إلى مواصلة الرصد الميداني، لا سيما في المحميات الطبيعية ومناطق زراعة الفاكهة. كما يؤكدون على ضرورة تنظيم حملات توعية عامة لمساعدة المزارعين والمجتمعات المحلية على تحديد مشاهداتهم والإبلاغ عنها، بالإضافة إلى التعاون الإقليمي، نظرًا لانتشار هذا الطائر عبر الحدود من الدول المجاورة.

وقال المؤلف المشارك محمد الشاملي: “إن انتشار المينا ليس مجرد ظاهرة محلية، بل هو تحدٍّ إقليمي. علينا أن نتحرك الآن لإدارة آثاره قبل أن تصبح لا رجعة فيها”.

شاهد ايضا