خاص – محرر خبر جديد – واصل مجلس النواب الأردني مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2026 وسط أجواء سياسية واقتصادية دقيقة. حضور رئيس الوزراء وعدد من أعضاء الفريق الحكومي يعكس جدية الحكومة في مواجهة النواب، ولكن النقاشات الأخيرة تبرز تحديًا أكبر: مدى قدرة الحكومة على إقناع النواب بأن الموازنة ليست مجرد أرقام، بل خطة متكاملة للتنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
كلمة النائب مصطفى العماوي سلطت الضوء على ضرورة التركيز على التحول الاقتصادي، دعم البحث العلمي، معالجة الدين العام، وتعزيز الصادرات الزراعية والصناعية. مطالب العماوي لا تقتصر على الإطار المالي فحسب، بل تشمل تفعيل مؤسسات الرقابة ودعم المشروعات الاستثمارية الكبرى غير المكتملة، ما يجعل الموافقة على الموازنة مرتبطة بمدى تجاوب الحكومة مع الرؤية الوطنية الشاملة وليس فقط بالأرقام المدرجة.
من جانبها، شددت النائبة هالة الجراح على الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية، مشيرة إلى أرباح البنوك وتوظيفها لخدمة المجتمع، وهو مؤشر على أن النواب لن يكتفوا بالموازنات التقليدية، بل يطالبون بموازنة تستجيب لمطالب الشعب وتحمي الطبقات الأكثر ضعفاً.
التحليل العميق يكشف أن الحكومة تواجه اختباراً مزدوجاً: أولاً، تحدي الإقناع السياسي أمام النواب، وثانياً، تحدي التوازن المالي بين النمو الاقتصادي وتقليل الدين العام وحماية الفئات الأكثر حاجة. نجاح الحكومة يعتمد على قدرتها على تقديم خطط تنفيذية واضحة ومرنة، تعكس تجاوبها مع المطالب البرلمانية وتضمن استدامة مالية واقتصادية حقيقية.
إذا نجحت الحكومة في تحويل الموازنة إلى أداة تنمية فعّالة تشمل الاستثمار، دعم الصناعات الوطنية، وتوفير حماية اجتماعية حقيقية، فإنها ستكسب ثقة النواب وربما تحصل على ما يشبه **”العلامة الكاملة” من البرلمان”، وهو نجاح سياسي واقتصادي معًا. أما إذا اقتصرت الموازنة على أرقام دون آليات واضحة للتنفيذ، فقد تواجه الحكومة رفضاً جزئياً أو تحفظات قوية، ما سيجعل الموافقة محدودة التأثير وفاقدة للبعد التنموي الحقيقي.
في المحصلة، جلسات مناقشة الموازنة ليست مجرد إجراءات شكلية، بل اختبار حقيقي لحكومة الدكتور جعفر حسان في قدرتها على التوازن بين الطموح السياسي والضغوط الاقتصادية والالتزام الاجتماعي. نجاح الحكومة هنا يعني أكثر من تمرير مشروع قانون؛ إنه نجاح استراتيجي يعكس وعيًا سياسياً واقتصادياً ويضع الأردنيين في قلب القرار المالي للعام المقبل.