الرئيسية ⁠اقتصادالتضخم في اليابان.. لماذا يحير العالم؟

التضخم في اليابان.. لماذا يحير العالم؟

من s j
A+A-
Reset

يتميز بنك اليابان بنهج فريد في قياس التضخم، يختلف عن الممارسات المتبعة في معظم البنوك المركزية الكبرى حول العالم. فبدلاً من الاعتماد بشكل أساسي على مؤشر أسعار المستهلكين الإجمالي، كما تفعل العديد من الدول، يتبنى بنك اليابان إطاراً أكثر شمولاً يأخذ في الاعتبار مجموعة واسعة من المؤشرات والتحليلات.

هذا النهج المتعدد الأوجه يسمح للبنك بالتمييز بين التقلبات المؤقتة في الأسعار والاتجاهات التضخمية المستدامة، ما يمكنه من اتخاذ قرارات سياسة نقدية أكثر دقة وتوازناً، ومن جملة التناغم بين هذه المقاييس يمكن للبنك اتخاذ قرارات سياسية نقدية متوازنة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي بعيد الأجل.

طالما اعتبرت عملية حساب التضخم في اليابان معقدة، ومشهد اليوم يضيء على أسرار وتفاصيل هذه الطريقة.
ويطوّر بنك اليابان إطاراً متكاملاً لقياس التضخم يعتمد على:

1- المؤشرات الرئيسية: وهي تحسب مؤشر التضخم العام أو الشامل، ومؤشر التضخم الأساسي، مؤشر التضخم الأساسي الحقيقي.
2- توقعات ومقاييس تتجاهل التقلبات الموسمية.
3- تحليل التوقعات المستقبلية للمؤسسات وللأسر والخبراء عبر مسوح متخصصة.
1. المؤشرات الرئيسية للتضخم
أولاً: مؤشر أسعار المستهلك الشامل – (العام)
يُعد المقياس الأساسي للتضخم في اليابان، ويغطي «سلة» من السلع والخدمات التي تُستهلك عادة، بأوزان تعكس أهميتها في إنفاق الأسر. ويُحسب شهرياً وفق صيغة لاسبيرس Laspeyres، ويُقارن المستوى الحالي بالسعر المرجعي (عادة 100) لتحديد التغيرات السعرية.
ثانياً: التضخم الأساسي
يستبعد الأغذية الطازجة لتقلبها الموسمي، ويركّز عليه بنك اليابان لقياس الاتجاهات الحقيقية بعيداً عن التقلبات قصيرة المدى.
ثالثاً: التضخم الأساسي الحقيقي
يستثني إلى جانب الأغذية الطازجة أيضاً الطاقة والمشتقات، ما يجعله أكثر توافقاً مع ديناميكيات العرض والطلب الداخلي.

مقاييس التضخم الأساسي الحقيقي

بجانب مؤشرات التضخم التقليدية، يُولي البنك تركيزاً خاصاً على مقاييس أساسية غير معلنة تُركّز على الطلب المحلي والأجور، مثل: (تضخم أسعار الخدمات)، وما يوضح هذه المقاييس أن التضخم القائم على الكلفة قد يظل مستقراً دون مستهدف البنك المحدد عند مستوى 2%.
ودائماً يشدّد البنك على أهمية تحويل تركيزه نحو «البيانات السعرية الفعلية وتوقعات التضخم» بدلاً من الاعتماد على مفاهيم غير محددة.
2: توقعات ومقاييس تتجاهل التقلبات الموسمية
يولي بنك اليابان اهتماماً كبيراً لتوقعات التضخم لأنها تؤثر في عدة عناصر:
أولاً: الأجور:
توقع ارتفاع الأسعار يؤدي إلى زيادة المطالبات بتحسين الرواتب، ما يضغط على التكاليف.
ثانياً: سلوك الإنفاق والاستثمار:
توقع التضخم يدفع إلى التسارع في الشراء والاستثمار قبل ارتفاع الأسعار.
ثالثاً: رسوخ التوقعات عند مستوى مستهدف محدد يعادل 2% وهو الهدف الاستراتيجي للبنك لتعزيز الاستقرار.
3- تحليل التوقعات المستقبلية للمؤسسات وللأسر والخبراء عبر مسوح متخصصة
أولاً: مسح Tankan (مسح الاقتصاد قصير الأجل للمؤسسات)
منذ مارس 2014، أدرج تساؤلات عن توقعات أسعار المستهلك وتوقعات أسعار المخرجات عند آفاق سنة، ثلاث سنوات، وخمس سنوات.
وعلى الرغم من أن المسح لا يغطي المؤسسات حتى عام 1990، فقد قام باحثون مثل Nakajima (2023) باستخدام بيانات مؤشر تغير أسعار المخرجات (DI) لتقدير توقعات تضخم المستهلكين لأجل سنة، حتى عودة لعام 1990، مع نتائج تدعم دقة التوقعات وتحسّن التنبؤ بالتضخم.
ثانياً: مسح الأسر والاقتصاديين
يشمل مسح «ESP Forecast» للخبراء، و«Opinion Survey on the General Public’s Views and Behavior» للأسر، التي تستطلع توقعاتهم بشأن التضخم والخطط المستقبلية.
تداول «التضخم» في بورصة طوكيو والين بالسوق الفورية
يؤثر التضخم بشكل كبير في تداول بورصة طوكيو وتداولات الين الياباني، وغالباً ما يؤدي إلى تذبذب عالٍ في كليهما. هذا التأثير يعتمد على عدة عوامل، أبرزها:

سياسات بنك اليابان

عندما يرتفع التضخم، قد يضطر بنك اليابان (BoJ) إلى رفع أسعار الفائدة للسيطرة على الأسعار. هذا التغيير في السياسة النقدية يمكن أن يؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسواق الأسهم والعملات

تصورات المستثمرين

يراقب المستثمرون من كثب بيانات التضخم. إذا جاءت البيانات أقوى من المتوقع، قد يتوقع المستثمرون أن يقوم بنك اليابان برفع أسعار الفائدة، ما قد يسبب تقلبات في السوق.أولاً:

أولاً: تداول “التضخم” في بورصة طوكيو
التضخم في اليابان قد يكون له تأثير مزدوج على بورصة طوكيو:

تأثير إيجابي

بعد عقود من الانكماش (تراجع الأسعار)، يعتبر التضخم المعتدل أمراً إيجابياً للاقتصاد الياباني، فهو يشجّع الشركات على الاستثمار والإنفاق، ويزيد أرباحها، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم.

تأثير سلبي
إذا أصبح التضخم مرتفعًا جدًا، فقد يقلل من القوة الشرائية للمستهلكين، ما يضر بالشركات. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم إلى زيادة تكاليف الاقتراض للشركات، ما قد يضغط على أرباحها وبالتالي على أسعار الأسهم.

ثانياً: تداول “التضخم” في السوق الفورية على الين
تتأثر قيمة الين الياباني بالتضخم بشكل مباشر:

ارتفاع التضخم يضعف الين

بشكل عام، يؤدي ارتفاع التضخم في اليابان إلى تآكل القوة الشرائية للين، ما يجعله أقل جاذبية للمستثمرين. هذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمته مقابل العملات الأخرى مثل الدولار الأميركي.

رفع أسعار الفائدة يقوي الين

في المقابل، إذا رفع بنك اليابان أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، فإن ذلك يجعل الاحتفاظ بالين أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى، ما قد يؤدي إلى ارتفاع قيمته.
بشكل عام، أي تغيير في التضخم أو التوقعات بشأنه يؤدي إلى عدم اليقين في السوق، وهذا ما يسبب التذبذب العالي في تداولات البورصة والعملات.#

شاهد ايضا

Focus Mode