تخطط إسرائيل لاستدانة 60 مليار دولار في السنة الحالية وتجميد التوظيف الحكومي وزيادة الضرائب بعد أن تضاعف إنفاقها العسكري تقريبا جراء حربها على قطاع غزة، وفق ما نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن المحاسب العام في وزارة المالية الإسرائيلية يالي روتنبرغ.
وأشارتت الصحيفة إلى أن حرب إسرائيل على قطاع غزة -التي دخلت شهرها الخامس- خلفت خسائر فادحة في اقتصادها الذي انكمش بنحو 20% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2023.
وحسب الصحيفة، فإن التأثير الاقتصادي جاء بعدما حشدت إسرائيل رقما قياسيا من القوات بلغ 300 ألف جندي احتياط إلى جانب نحو 200 ألف من الجنود النظاميين، ونزح عشرات الآلاف المستوطنين من الشمال قرب الحدود مع لبنان ومن الجنوب قرب الحدود مع قطاع غزة، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، كما تم منع نحو 150 ألف عامل فلسطيني من دخول إسرائيل من الضفة الغربية المحتلة.
ونقلت الصحيفة عن روتنبرغ قوله إن العامل الأساسي في استعادة صحة الاقتصاد الإسرائيلي هو تسريح جنود الاحتياط، وإن نحو خُمس من تم استدعاؤهم هم الذين ما زالوا يحاربون (أي نحو 60 ألفا)، متوقعا أن يتراجع العدد إلى ما بين 30 و40 ألفا بنهاية مارس/آذار المقبل، خاصة أن حدة المعارك كانت “في تراجع”، على حد قوله.
وأشار روتنبرغ إلى أن هذا السيناريو هو الذي قامت الموازنة الإسرائيلية عليه.
ومع ذلك، تهدد الحكومة بتوسيع هجومها في غزة إلى رفح المدينة الجنوبية التي لجأ إليها أكثر من مليون شخص نزحوا من منازلهم في مناطق القطاع، وذلك على الرغم من التحذيرات الدولية من أن الهجوم على مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان سيكون مدمرا، وفق الصحيفة.
وأدى الاعتداء الإسرائيلي إلى استشهاد نحو 30 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، ودمر مساحات شاسعة من القطاع وأجبر أكثر من 85% من السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على ترك منازلهم.
وعلى الرغم من تسريح آلاف جنود الاحتياط فإن إسرائيل قالت إنها تتوقع الحفاظ على وجود أمني في القطاع في المستقبل المنظور، إذ أصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الجمعة الماضي خطة لغزة ما بعد الحرب تنص على احتفاظ إسرائيل بحاجز أمني كبير داخل القطاع.
وثمة مخاوف كذلك من أن تتصاعد الاشتباكات شبه اليومية بين حزب الله اللبناني وقوات الاحتلال عبر الحدود إلى صراع شامل، حسب الصحيفة.
وفي ظل هذه التطورات، تخطط الحكومة لزيادة الإنفاق الدفاعي هذا العام بمقدار 55 مليار شيكل (15.13 مليار دولار)، بزيادة نسبتها 85% عن موازنة الدفاع قبل الحرب.
وقالت وزارة المالية إن ذلك سيزيد الإنفاق الدفاعي إلى نحو 20% من موازنة 2024 ارتفاعا من 13.5% قبل الحرب، وتجري مراجعة مشروع موازنة 2024 من قبل لجان في الكنيست، ومن المتوقع أن يتم إقرارها الشهر المقبل.
ونقلت الصحيفة عن روتنبرغ قوله “نعتقد أنه ستكون ثمة زيادة في الإنفاق الدفاعي في إسرائيل خلال السنوات المقبلة، ولهذا السبب اتخذنا الخطوات المالية الآن”.
وأضاف أنه تم تشكيل لجنة من الخبراء من خارج الحكومة لتقديم المشورة بشأن الإنفاق الدفاعي المستقبلي.
وجاءت إيرادات إسرائيل لعام 2023 أقل من المتوقع بقيمة 12 مليار شيكل (3.3 مليارات دولار)، في حين زادت الحكومة الإنفاق بنحو 26 مليار شيكل (7.15 مليارات دولار) بسبب الحرب، وتضمن ذلك مبلغا إضافيا قدره 4.7 مليارات دولار للدفاع، إذ سمحت وزارة المالية للحكومة بالعمل خارج الميزانية مباشرة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولتحقيق التوازن بعد زيادة الإنفاق تخطط الوزارة لزيادة ضريبة القيمة المضافة من 17 إلى 18% في عام 2025، فيما ستزيد هذا العام والعام المقبل الضرائب مثل تلك المفروضة على التدخين والخدمات المصرفية، وتجميد التعيينات الحكومية وتأجيل زيادة أجور الوظائف العامة.
وخفضت وكالة موديز هذا الشهر التصنيف السيادي لإسرائيل من “إيه 1” إلى “إيه 2” بسبب المخاوف بشأن الحرب على غزة ومدتها غير المحددة وتأثيرها الأوسع على الاقتصاد، كما خفضت توقعات ديون إسرائيل إلى سلبية بسبب خطر توسع الحرب إلى الجبهة الشمالية للبلاد.
والشهر الماضي، حث محافظ البنك المركزي الإسرائيلي الحكومة على كبح الإنفاق بسرعة، محذرا من أن “مصداقية” الحكومة في السوق تعتمد على إجراء تعديلات على الميزانية، بما في ذلك تخفيضات الإنفاق وزيادة الإيرادات.
وتتوقع الحكومة الإسرائيلية عجزا في الموازنة بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وترجح انخفاض النمو إلى 1.6% هذا العام من 2% في عام 2023.
وبعد اندلاع الحرب اقترضت إسرائيل نحو 81 مليار شيكل (22.3 مليار دولار)، مما رفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 62%، وهو أعلى مستوى لها منذ نحو 8 سنوات.
وتتوقع الوزارة أن ترتفع هذه النسبة بمقدار 5 أو 6 نقاط مئوية أخرى هذا العام، إذ تتطلع إلى الاستفادة من الأسواق المحلية والدولية لجمع نحو 250 مليار شيكل (68.8 مليار دولار)، ومع ذلك تتوقع أن يظل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 70%.
وقال روتنبرغ -الذي التقى بمستثمرين في نيويورك ولندن- إن معظم الديون سيتم جمعها محليا، لكنه أضاف أن الوزارة تتطلع بـ”اهتمام” إلى الاستدانة بالدولار، مضيفا “كل شيء مطروح على الطاولة”.