الرئيسية المنوعات“شمس الأغنية اللبنانية”تشعل المدرج الروماني بصوتها الجبلي

“شمس الأغنية اللبنانية”تشعل المدرج الروماني بصوتها الجبلي

من Mohammed Alqam
A+A-
Reset

بحضورها الطاغي وصوتها الجبلي الأصيل، أطلت شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم أمام جمهورها الذي انتظرها بشغف، مؤكدة أنها ليست فقط فنانة، بل ظاهرة فنية متجددة تتجاوز حدود الزمن.

في ليلة فنية مفعمة بالإحساس والإبداع، قدمت كرم باقة من أغانيها الخالدة والجديدة، وسط تفاعل جماهيري لافت يجسد مكانتها المترسخة في ذاكرة الطرب العربي.
وعلى خشبة المسرح، لم تكن نجوى مجرد مؤدية، بل أيقونة متكاملة جمعت بين الصوت والأداء والحضور، لتؤكد أن الفن اللبناني ما يزال قادرا على تصدر المشهد رغم كل التحديات.
اختارت نجوى كرم أن تقف أمام جمهورها في المدرج الروماني، في قلب عمان القديمة، حيث تنبض الحجارة بصدى التاريخ. لم يكن المكان تفصيلا عابرا، بل نجما من نجوم الحفل، بصورة وصوت وروح تنبض بالتاريخ. هذا المعلم الأثري العريق لم يكن مجرد خلفية للمشهد، بل شريكا في صنعه.
وبين هذه الحجارة، وقفت شمس الأغنية اللبنانية كأنها تكمل هذا الإرث الغنائي العابر للزمن.
وقبل صعودها، قدمت الإعلامية لانا القسوس الحفل بكلمات من القلب، قائلة: “الست نجوى مش أي فنانة، هي مزيج من الفخر والأناقة والصدق، أصبحت صوت ناسها وجسرا بين الأصالة والتجديد، وكلما غنت تعم الفرحة والمحبة”.
وبعد هتاف كبير باسمها، دخلت على وقع أغنيتها التراثية “يا مرحبا يا ليل يا مرحبا يا كل حبابه” التي غنتها لأول مرة العام 1994. ثم رحبت بالجمهور، قائلة: “مسا الخير، مسا الحب والأفراح، ولازم تكون الأحزان ورانا، لأن الإنسان ابن الأمل. وأنا دايما بشوقي الكبير ألتقي بجمهور عمان الحبيب والأردن الحبيب”.
جاء هذا الحفل ضمن جولة إطلاق ألبومها الجديد “حالة طوارئ”، حيث قدمت الأغنية لأول مرة “لايف” على المسرح وسط تفاعل غير مسبوق من الجمهور، الذي لم يتوقف عن الغناء والرقص والهتاف.
لكنها رغم طابع الحفل العصري، لم تنس أن تعيد الحياة إلى أغانيها القديمة، التي ما تزال تحدث التأثير نفسه وكأنها ولدت البارحة.
من “لو ما بتكذب”، إلى “كيف بداويك” (1999)، و”نقطة عالسطر” (1998)، إلى “شو هالحلا” (2005)، استعرضت كرم أرشيفها الغنائي الذهبي، مؤكدة أن الزمن لم يفقده بريقه، بل زاده قيمة.
جاء الحفل بتنظيم احترافي عالي المستوى. كل شيء كان مضبوطا: من الدخول إلى المسرح، للديكور الذي انسجم مع روح المدرج، وحتى الإضاءة التي لم تكن مجرد إنارة، بل شريكة في التعبير.
الديكور ترك بصمة بصرية جميلة، والإضاءة واكبت كل لحظة على المسرح، أحيانا تضيء بحماسة، وأحيانا تتراجع لتترك للموسيقا أن تتكلم.
أما الجمهور فكان حاضرا بكامل طاقته. آلاف داخل المدرج، وأعداد مضاعفة خارجه، جاؤوا فقط ليشهدوا، ويغنوا، ويعيشوا لحظة اللقاء مع “الست نجوى”؛ هتافات، تصفيق، رقص وموجات من التفاعل لم تهدأ طوال ساعتين من الغناء المباشر.
ومن على المسرح، قالت نجوى: “طول عمري بحب الحقيقة والوضوح والمواقف النابعة من القلب، واليوم بدنا نغني هالكلام سوا”.
وقدمت بعدها أغنية “آيا أنا بدك”، التي رددها الجمهور معها من دون توقف، حتى أعادتها بناء على طلبهم وسط تفاعل كبير.
وبعفويتها المعتادة، أعلنت: “هلا في حالة لازم نعلنها، حالة طوارئ”؛ لتبدأ بعدها غناء الأغنية التي تحمل اسم الألبوم، وسط عاصفة من الحماس والهتاف والتصفيق.
قالت الفنانة اللبنانية: “رح غني أغنية كتير بحبها، وإنتو كمان بتحبوها، وصارت تقريبا تراث بيني وبينكن”، وقبل أن تكمل جملتها، بدأ الجمهور يغني: “خليني شوفك بالليل”.
في لحظة صادقة ومليئة بالدفء، غنت نجوى كرم موالا خاصا للأردن، بصوتها الجبلي المليء بالشوق، كأنها تنقل مشاعر شعبين بلحن واحد: “كلما يا أردن بعتني الشوق من لبنان.. بقول الحقيقة وكلام الحق على لساني.. عمان، عمان، أنتِ هنا يا عمان.. كل بيت فيكِ حسبته بيت لبناني”.
موال لم يكن مجرد غناء، بل رسالة حب وعرفان، خطتها نجوى بصوتها، ورددها الجمهور بقلبه.
في المؤتمر الصحفي:
الفن رسالتي
بعد انتهاء الحفل، التقت شمس الأغنية اللبنانية الصحفيين في مؤتمر صحفي جمع بين العفوية والصدق، وقدمت فيه مجموعة من التصريحات التي عكست شخصيتها المتزنة، وفهمها العميق للفن والجمهور ودور الفنان في الزمن الحديث.
وعن دورها كفنانة ومسؤوليتها الاجتماعية، قالت نجوى كرم: “مهمتنا كفنانين ننشر الفرح بين الناس، الناس بدها تضل تفرح، والله يقلع الأحزان واللي جابها”.
وحول إعلانها للحفل باستخدام ChatGPT، أجابت بابتسامة: “أكيد الفنان لازم يواكب ويعاصر، مشان ما يصير برات الكوكب. هلا صار الـAI مركبة وكلنا موجودين فيها. والذكاء الاصطناعي صار أداة، ولازم نستخدمه مش نهرب منه”.
وعند سؤالها ما الذي تريدين أن يقال عنك بعد 20 سنة؟ ردت بثقة: “بفتكر إنو الأرشيف اللي عملته هو اللي بيجاوب، أنا بعتبر أرشيفي رصيدي لليوم وللمستقبل”.
وعندما طرح عليها سؤال حول مفهوم القوة عند المرأة، أجابت بإحساس واضح: “المرأة اليوم قوية وحققت كتير. ما رح أقول إنها حققت قد الرجل، لأنه هو أصلا مصدر قوة. بس لما المرأة تستغل ضعفها وتخلق منه قوة، هون بتكون فعلا قوية”.
وقالت نجوى كرم جملة أثارت الإعجاب عندما وصفت نظرتها للفن: “أنا بحب أغني، وما بعتبرها مهنة، الفن هو رسالتي، وأنا متقنة له”.
وعن حياتها الشخصية عالسوشيال ميديا، ردت بابتسامة: “إذا فني كله، وكل اللي عملته، ما كان كافي للناس، فخلص، بلا ما كفي. حياتي الشخصية مش ضروري تنعرض، لأنها مش العرض الأساسي”.
وحين طلب منها كلمة باللهجة الأردنية، أجابت بروح مرحة: “الله حي النشامى، الجمهور الأردني حبيبي، وعزيز على قلبي، وما بقدر مرق فترات طويلة بلا ما أجي، أسمعهم، ويسمعوني”.
وعن شعورها عندما لمست الجمهور الأردني حافظا لجميع أغاني ألبومها الجديد رغم إصداره الحديث، أجابت بتأثر: “حبيت، حبيت كتير. وهاد دليل على إنه الألبوم نجح، ووصل، رغم إنه ما إله كثير نازل”.
وعن تعاونها مع فنانين أردنيين، قالت “ليش لا؟ ببداياتي اشتغلت مع 6 أو 7 أعمال مع أردنيين، وإذا لقيت شاعر أو ملحن يقدر يقدملي شي يليق بصوتي وحنجرتي، أكيد جاهزة”.
لم يكن حفل نجوى كرم مجرد ليلة طرب، بل احتفال بالصوت، بالمكان، بالجمهور، وبالفن الحقيقي الذي لا يغيب مهما تغيرت الأزمنة.
في المدرج الروماني، كانت “حالة طوارئ” حقيقية، ولكنها طوارئ للحب، للفن وللأمل.

شاهد ايضا

Focus Mode