تراجعت أسواق الأسهم الآسيوية والدولار يوم الاثنين في ظل استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في الوقت الذي اتجه فيه المستثمرون نحو الحذر قبل صدور بيانات الوظائف الأميركية المرتقبة، واقتراب قرار البنك المركزي الأوروبي بخفض محتمل لأسعار الفائدة.
سجلت أسهم شركات صناعة الفولاذ في كوريا الجنوبية وفيتنام – وهما من كبار المصدرين إلى الولايات المتحدة – تراجعًا بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الجمعة بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الفولاذ والألمنيوم لتصل إلى 50%، بدءًا من 4 يونيو. وأثار هذا التحرك انتقادات من مفاوضي الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت يوم الأحد إن ترامب سيتحدث قريبًا مع الرئيس الصيني شي جين بينغ لحل النزاع بشأن المعادن الأساسية. لكن بكين ردّت برفض حازم لانتقادات ترامب، مشيرة إلى أن المكالمة قد لا تتم في القريب.
كما قلّل مسؤولو البيت الأبيض من أهمية حكم قضائي أشار إلى أن ترامب تجاوز صلاحياته بفرض رسوم جمركية عامة على واردات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
وقال بروس كاسمان، كبير الاقتصاديين في بنك جي بي مورغان: “الحكم القضائي سيعقّد المسار المستقبلي للسياسة التجارية، لكن لا يزال لدى الإدارة الأميركية أدوات عديدة لتحقيق أهدافها، وهناك التزام بالحفاظ على حد أدنى من الرسوم الجمركية بنسبة لا تقل عن 10%، مع فرض زيادات أخرى على قطاعات محددة.”
وأضاف: “من المرجح زيادة الرسوم على واردات من دول آسيان للحد من إعادة التصدير، ولا يزال هناك ميل لرفع الرسوم على التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.”
ويراقب السوق عن كثب ما إذا كان ترامب سينفذ فعليًا تعهده بفرض رسوم 50% يوم الأربعاء، أم سيتراجع كما فعل سابقًا.
حتى ذلك الحين، ساد الحذر، وانخفض المؤشر الأوسع لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان (MSCI) بنسبة 0.8%. كما تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 1.3%، ومؤشر هونغ كونغ بنسبة 2.5%.
بينما ارتفعت الأسهم الكورية الجنوبية بنسبة طفيفة بلغت 0.2% على أمل أن تسفر الانتخابات الرئاسية المبكرة يوم الثلاثاء عن فائز واضح.
تراجعت العقود الآجلة لمؤشر يورستوكس 50 بنسبة 0.3%، ومؤشر داكس الألماني 0.2%، في حين استقرت عقود فوتسي البريطانية. وظهرت بعض التكهنات حول تداعيات الهجوم الأوكراني المذهل على قواعد جوية روسية على محادثات السلام الجارية.
على صعيد الأسواق الأميركية، تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.5%، والـ ناسداك بنسبة 0.6%، بعد مكاسب في مايو بلغت 6.2% و9.6% على التوالي.
أدى تسابق الشركات لتجنب الرسوم الجديدة إلى تقلبات اقتصادية حادة، مع توقعات بأن ينمو الناتج المحلي في الربع الثاني بعد انكماش في الربع الأول. وقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا نموًا بنسبة 3.8% للفترة بين أبريل ويونيو، رغم أن المحللين يتوقعون تباطؤًا لاحقًا هذا العام.
الأنظار على سوق العمل الأميركي
بيانات هذا الأسبوع حول التصنيع والوظائف ستعطي مؤشرات مهمة على النشاط الاقتصادي، مع توقعات بارتفاع التوظيف بـ130 ألف وظيفة في مايو، وبقاء معدل البطالة عند 4.2%.
ارتفاع البطالة قد يكون الدافع الوحيد الذي يُجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي على التفكير مجددًا في خفض أسعار الفائدة، رغم أن الأسواق لم تعد تتوقع خفضًا في يونيو أو يوليو.
وتشير التقديرات إلى أن هناك احتمالًا بنسبة 75% لخفض الفائدة في سبتمبر، لكن تصريحات مسؤولي الاحتياطي لم تؤيد ذلك حتى الآن. من المقرر أن يتحدث هذا الأسبوع أكثر من 11 مسؤولًا من الاحتياطي، يتقدمهم جيروم باول اليوم.
أما الحاكم كريستوفر والر، فقال إن خفض الفائدة يبقى ممكنًا هذا العام، مشيرًا إلى مخاطر سلبية على النشاط الاقتصادي وسوق العمل، وارتفاع تضخمي محتمل بفعل الرسوم الجمركية.
تقرير وظائف ضعيف سيكون خبراً سارًا لسوق السندات، حيث لا تزال عوائد السندات لأجل 30 عامًا تحوم حول 5%، مع زيادة العوائد المطلوبة من المستثمرين لتغطية العجز الضخم.
من جهته، سيبدأ مجلس الشيوخ هذا الأسبوع مناقشة مشروع قانون ضريبي وإنفاقي قد يضيف 3.8 تريليون دولار إلى الدين الأميركي البالغ 36.2 تريليون دولار.
قرارات مرتقبة من أوروبا وكندا
من المتوقع أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 2.0% يوم الخميس، وسط ترقب لتوجيهات بشأن خفض آخر محتمل في يوليو. أما بنك كندا، فسيجتمع الأربعاء، وتشير التوقعات إلى أنه سيبقي الفائدة عند 2.75%، مع لهجة حذرة بسبب المخاوف من ركود مدفوع بالتعريفات.
ورغم اتساع الفجوة في أسعار الفائدة، لم يتلق الدولار الأميركي سوى دعم محدود.
وقال جوناس غولترمان، نائب كبير الاقتصاديين في “كابيتال إيكونوميكس”: “الدولار الأميركي لا يزال في أدنى مستوياته منذ 2022، وأضعف مما تشير إليه الفوارق في أسعار الفائدة، ولا يزال معرضًا لمزيد من التراجع مع أي أخبار سلبية جديدة بشأن السياسة المالية أو التجارية.”
يوم الاثنين، تراجع الدولار بنسبة 0.4% أمام الين إلى 143.47، بينما ارتفع اليورو بنسبة 0.2% إلى 1.1370 دولار. حتى أمام الدولار الكندي، تراجع الدولار الأميركي بنسبة 0.2% إلى 1.3727، رغم تهديد ترامب بفرض رسوم على واردات الصلب الكندية.
السلع: الذهب والنفط
ارتفع الذهب بنسبة 0.6% ليصل إلى 3310 دولارات للأوقية، بعد أن خسر 1.9% الأسبوع الماضي.
أما النفط، فقد ارتفعت أسعاره بعد أن قررت “أوبك+” زيادة الإنتاج في يوليو بنفس الوتيرة السابقة، ما أراح الأسواق التي كانت تخشى من زيادة أكبر.
ارتفع خام برنت 1.46 دولار ليصل إلى 64.24 دولار للبرميل، بينما كسب الخام الأميركي 1.65 دولار ليصل إلى 62.43 دولار.- رويترز