أفضل المكملات الغذائية للنساء بعد الأربعين

تمثل المرحلة العمرية بين الأربعين والخمسين نقطة تحوّل محورية في حياة المرأة، حيث تبدأ التغيرات الهرمونية والفسيولوجية في الظهور بوضوح، لا سيما مع اقتراب مرحلة ما قبل انقطاع الطمث أو بدايتها الفعلية.

 

هذه التبدلات لا تقتصر على الصحة الإنجابية فقط، بل تمتد لتشمل التأثير على الطاقة، المزاج، العظام، الجهاز المناعي، وحتى صحة القلب.

ويمكن للمكملات الغذائية أن تلعب دورًا داعمًا هامًا عند استخدامها بشكل مدروس وموجه. يعتبر الكالسيوم، فيتامين د، فيتامينات ب (خاصة ب12)، أحماض أوميغا 3 الدهنية، والمغنيسيوم من بين المكملات الأكثر أهمية التي يجب مراعاتها في هذه المرحلة العمرية.

وفي ظل هذا التحوّل، تلجأ كثير من النساء إلى المكملات الغذائية كخيار داعم لتعويض النقص الغذائي الناتج عن التغيرات الطبيعية في الجسم، ولمساعدة الجسم على التأقلم مع هذه المرحلة المعقدة.

 

ومع ذلك، فإن تعدد الخيارات وتضارب المعلومات قد يجعلان اتخاذ القرار الصحيح أمرًا محيّرًا.

 

الاحتياجات الغذائية المتغيرة للمرأة بين 40 و 50 عامًا

تخضع المرأة في هذه المرحلة العمرية لتحولات بيولوجية تؤثر بشكل مباشر على احتياجاتها الغذائية. يعد انخفاض مستويات هرمون الإستروجين مع الاقتراب من سن اليأس وما بعده هو العامل الأبرز.

يؤثر هذا الانخفاض على كثافة العظام، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام. كما تتغير عملية الأيض، حيث قد يتباطأ معدل الحرق الأساسي، مما يسهل زيادة الوزن ويغير من توزيع الدهون في الجسم، مع ميل لتراكمها في منطقة البطن، الأمر الذي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومتلازمة الأيض.

 

بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه النساء في هذه المرحلة تحديات تتعلق بامتصاص بعض العناصر الغذائية، مثل فيتامين ب12، وقد تزداد الحاجة إلى عناصر أخرى لدعم وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك صحة الدماغ، الحفاظ على مستويات الطاقة، ودعم الصحة النفسية والمزاج.

تشير الأبحاث إلى وجود اختلافات فسيولوجية بين الجنسين تؤثر على الاحتياجات الغذائية واستجابة الجسم للتمارين والمكملات (المصدر: PMC9521557). على سبيل المثال، تمتلك النساء نسبة أعلى من ألياف العضلات من النوع الأول، مما قد يؤثر على استخدام مصادر الطاقة أثناء النشاط البدني.

 

كما أن التغيرات الهرمونية الشهرية (قبل انقطاع الطمث) تؤثر على استقلاب المغذيات واحتياجات الطاقة. كل هذه العوامل تجعل من الضروري تبني نهج غذائي مخصص، وقد يكون للمكملات الغذائية دور داعم عند استخدامها بحكمة وبناءً على احتياجات فردية وتقييم صحي شامل.

 

مكملات غذائية أساسية للنساء بين 40 و 50 عامًا

بناءً على الاحتياجات المتغيرة والأدلة العلمية المتاحة، تبرز أهمية بعض المكملات الغذائية بشكل خاص للنساء في هذه المرحلة العمرية. من الضروري التأكيد على أن المكملات لا تغني عن نظام غذائي صحي ومتوازن، بل تعمل كعامل مساعد لسد الفجوات الغذائية المحتملة ودعم الصحة العامة.

يجب دائمًا استشارة الطبيب أو أخصائي تغذية مؤهل قبل البدء بتناول أي مكملات، لتحديد الاحتياجات الفردية والجرعات المناسبة وتجنب التفاعلات المحتملة.

  1. الكالسيوم وفيتامين د: لصحة العظام وما بعدها
    تعتبر صحة العظام مصدر قلق كبير للنساء مع التقدم في العمر، خاصة بعد انقطاع الطمث بسبب انخفاض الإستروجين الذي يسرع من فقدان الكتلة العظمية. يلعب الكالسيوم دورًا محوريًا في بناء العظام والحفاظ عليها، بينما يعتبر فيتامين د ضروريًا لامتصاص الكالسيوم من الأمعاء ودمجه في العظام.

 

وتوصي معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH ODS) النساء في الفئة العمرية 19-50 عامًا بالحصول على 1000 ملغ من الكالسيوم يوميًا، وترتفع هذه التوصية إلى 1200 ملغ للنساء فوق سن 50.

 

أما بالنسبة لفيتامين د، فالكمية الموصى بها للبالغين حتى سن 70 هي 600 وحدة دولية (15 ميكروغرام) يوميًا، وقد يحتاج البعض إلى جرعات أعلى بناءً على مستويات فيتامين د في الدم والتعرض لأشعة الشمس وعوامل أخرى.

تشير الدراسات إلى أن الحصول على كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د، سواء من الغذاء أو المكملات، يمكن أن يساعد في إبطاء فقدان العظام وتقليل خطر الكسور. بالإضافة إلى دورهما في صحة العظام، يشارك فيتامين د في وظائف المناعة، صحة العضلات، وتنظيم المزاج. يعتبر نقص فيتامين د شائعًا، لذا قد يكون تناول المكملات ضروريًا للكثيرين، خاصة في المناطق ذات التعرض المحدود للشمس.

 

ويؤكد خبراء مثل د. مايكل موراي على أهمية فيتامين د كأحد المكملات الأساسية. من المهم اختيار مكملات فيتامين د3 (كوليكالسيفيرول) لأنها تعتبر أكثر فعالية في رفع مستويات فيتامين د في الدم مقارنة بفيتامين د2 (إرغوكالسيفيرول).

  1. فيتامينات ب المركبة: للطاقة والأيض وصحة الأعصاب
    تلعب فيتامينات ب (بما في ذلك ب6، ب12، وحمض الفوليك ب9) أدوارًا حيوية في استقلاب الطاقة، وظائف الجهاز العصبي، وتكوين خلايا الدم الحمراء.

 

قد تزداد أهمية بعض فيتامينات ب مع التقدم في العمر. على سبيل المثال، يمكن أن يتأثر امتصاص فيتامين ب12 سلبًا مع التقدم في العمر أو بسبب استخدام بعض الأدوية (مثل أدوية حموضة المعدة).

 

ويعتبر فيتامين ب12 ضروريًا لصحة الأعصاب والوظائف الإدراكية، ونقصه يمكن أن يؤدي إلى فقر الدم، التعب، ومشاكل عصبية. توصي NIH ODS البالغين بالحصول على 2.4 ميكروغرام من فيتامين ب12 يوميًا. نظرًا لأن فيتامين ب12 يوجد بشكل أساسي في المنتجات الحيوانية، قد تحتاج النساء النباتيات أو اللاتي يتبعن نظامًا غذائيًا نباتيًا صارمًا إلى مكملات ب12.

كما أن فيتامين ب6 (البيريدوكسين) مهم أيضًا لعملية الأيض ووظائف الدماغ والمناعة. تزداد الكمية الموصى بها للنساء فوق سن 50 من 1.3 ملغ إلى 1.5 ملغ يوميًا

 

بينما أشارت بعض الدراسات القديمة إلى دور محتمل لفيتامينات ب (ب6، ب9، ب12) في تقليل مستويات الهوموسيستين وبالتالي تقليل خطر أمراض القلب، إلا أن أبحاثًا أحدث وأكثر قوة لم تجد أن هذه المكملات تقلل بشكل فعال من خطر أو شدة أمراض القلب والأوعية الدموية أو السكتة الدماغية (المصدر: Mayo Clinic).

 

ومع ذلك، تظل هذه الفيتامينات ضرورية للصحة العامة، وقد يكون تناول مكملات فيتامينات ب المركبة أو فيتامينات متعددة تحتوي عليها مفيدًا لضمان الحصول على كميات كافية.

  1. أحماض أوميغا 3 الدهنية: لصحة القلب والدماغ والمزاج
    أحماض أوميغا 3 الدهنية، وخاصة EPA (حمض الإيكوسابنتاينويك) و DHA (حمض الدوكوساهيكسانويك)، هي دهون أساسية تلعب أدوارًا حاسمة في صحة القلب والأوعية الدموية، وظائف الدماغ، وتقليل الالتهابات في الجسم.

 

وتوجد هذه الأحماض بشكل أساسي في الأسماك الدهنية (مثل السلمون، الماكريل، السردين) وبعض المصادر النباتية مثل بذور الكتان والشيا والجوز (التي تحتوي على ALA، والذي يحوله الجسم بكميات محدودة إلى EPA و DHA).

 

وتوصي العديد من المنظمات الصحية، بما في ذلك جمعية القلب الأمريكية، بتناول حصتين من الأسماك الدهنية أسبوعيًا. بالنسبة للنساء اللاتي لا يستهلكن كمية كافية من الأسماك، قد تكون مكملات زيت السمك أو زيت الطحالب (لل للنباتيين) خيارًا جيدًا.

تشير الأبحاث إلى أن أوميغا 3 قد تساعد في خفض مستويات الدهون الثلاثية، تقليل ضغط الدم بشكل طفيف، وإبطاء تراكم الترسبات في الشرايين. كما أن لها دورًا محتملًا في دعم الوظائف الإدراكية والمزاج، وهو أمر قد يكون ذا أهمية خاصة للنساء في مرحلة انتقالية قد تترافق مع تقلبات مزاجية أو زيادة خطر الاكتئاب.

 

وعند اختيار المكملات، من المهم البحث عن منتجات عالية الجودة تم اختبارها للتأكد من خلوها من الملوثات مثل الزئبق والمعادن الثقيلة الأخرى، وتوضح كمية EPA و DHA التي تحتويها.

  1. الحديد: للوقاية من فقر الدم (خاصة قبل انقطاع الطمث)
    يعتبر الحديد ضروريًا لإنتاج الهيموغلوبين، البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء الذي يحمل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم. لا تزال النساء في الأربعينيات من العمر اللاتي لم يصلن إلى سن اليأس يفقدن الحديد بانتظام من خلال الدورة الشهرية، مما يجعلهن أكثر عرضة لخطر نقص الحديد وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد.

 

وتشمل أعراض نقص الحديد التعب، الضعف، ضيق التنفس، وصعوبة التركيز. وتوصي NIH ODS النساء في الفئة العمرية 19-50 عامًا بالحصول على 18 ملغ من الحديد يوميًا، بينما تنخفض هذه التوصية إلى 8 ملغ يوميًا بعد انقطاع الطمث (عادة بعد سن 51).

لا ينصح بتناول مكملات الحديد إلا في حالة تشخيص النقص من قبل الطبيب، حيث أن زيادة الحديد في الجسم يمكن أن تكون ضارة وتسبب مشاكل مثل الإمساك والغثيان، وفي حالات الجرعات العالية جدًا يمكن أن تؤدي إلى تلف الأعضاء. يجب إجراء فحص دم لتحديد مستويات الحديد قبل البدء بتناول المكملات.

  1. المغنيسيوم: للاسترخاء، النوم، وصحة العظام والعضلات
    المغنيسيوم هو معدن أساسي يشارك في أكثر من 300 تفاعل إنزيمي في الجسم، بما في ذلك إنتاج الطاقة، وظائف العضلات والأعصاب، تنظيم ضغط الدم، والتحكم في نسبة السكر في الدم.

 

كما أنه يلعب دورًا في صحة العظام والنوم وتنظيم المزاج. قد تكون النساء في مرحلة الأربعينيات والخمسينيات أكثر عرضة لعدم الحصول على كمية كافية من المغنيسيوم من نظامهن الغذائي. تشمل المصادر الغذائية الجيدة للمغنيسيوم الخضروات الورقية الداكنة، المكسرات، البذور، الحبوب الكاملة، والبقوليات.

وتشير بعض الأبحاث إلى أن المغنيسيوم قد يساعد في تخفيف أعراض متلازمة ما قبل الحيض (PMS)، تحسين نوعية النوم، تقليل القلق، ودعم صحة العظام. يوصي د. مايكل موراي بتناول المغنيسيوم في المساء لتعزيز الاسترخاء والنوم.

 

وتختلف الكمية الموصى بها يوميًا حسب العمر والجنس، وهي حوالي 320 ملغ للنساء في هذه الفئة العمرية. تتوفر مكملات المغنيسيوم في أشكال مختلفة (مثل سترات المغنيسيوم، غليسينات المغنيسيوم، أكسيد المغنيسيوم)، وقد يختلف امتصاصها وتأثيراتها الجانبية (مثل الإسهال مع أكسيد المغنيسيوم بجرعات عالية).

 

مكملات أخرى محتملة واعتبارات هامة

بالإضافة إلى المكملات المذكورة أعلاه، قد تستفيد بعض النساء من مكملات أخرى بناءً على احتياجاتهن الفردية وحالتهن الصحية. على سبيل المثال:
مضادات الأكسدة: مثل فيتامين ج، فيتامين هـ، السيلينيوم، ومستخلصات نباتية مثل مستخلص بذور العنب قد تساعد في مكافحة الإجهاد التأكسدي المرتبط بالشيخوخة والأمراض المزمنة. ومع ذلك، يجب الحصول عليها بشكل أساسي من نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات.

البروبيوتيك: لدعم صحة الجهاز الهضمي والمناعة، والتي قد تتأثر بالتغيرات الهرمونية والنظام الغذائي.

الكولاجين أو السيليكا: لدعم صحة الجلد والمفاصل
مساعد الإنزيم Q10 (CoQ10): لدعم إنتاج الطاقة وصحة القلب، حيث قد تنخفض مستوياته مع التقدم في العمر أو استخدام بعض الأدوية (مثل الستاتينات).

 

فيتويستروغنز: مثل تلك الموجودة في فول الصويا أو البرسيم الأحمر، والتي قد تساعد في تخفيف بعض أعراض انقطاع الطمث مثل الهبات الساخنة، ولكن الأدلة العلمية مختلطة وهناك حاجة لمزيد من البحث، ويجب مناقشة استخدامها مع الطبيب.

 

السلامة والتفاعلات

من الأهمية بمكان التعامل مع المكملات الغذائية بحذر. “طبيعي” لا يعني دائمًا “آمن”. يمكن أن تتفاعل المكملات الغذائية مع الأدوية الموصوفة أو التي لا تستلزم وصفة طبية، وقد تكون غير مناسبة لبعض الحالات الصحية.

على سبيل المثال، يمكن أن يزيد فيتامين هـ والكالسيوم بجرعات عالية من خطر بعض المشاكل الصحية، ويمكن أن يتفاعل فيتامين ب6 مع أدوية معينة . يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول بعض المعادن مثل الحديد والزنك إلى التسمم.

تختلف جودة المكملات الغذائية بشكل كبير بين الشركات المصنعة. من المهم اختيار علامات تجارية حسنة السمعة تخضع لاختبارات الجودة من طرف ثالث. ويجب دائمًا قراءة الملصقات بعناية والالتزام بالجرعات الموصى بها.

الأهم من ذلك كله، يجب على النساء استشارة الطبيب أو أخصائي تغذية مسجل قبل البدء في تناول أي مكملات غذائية. يمكن للمختص تقييم الاحتياجات الفردية بناءً على التاريخ الصحي، النظام الغذائي، نمط الحياة، نتائج الفحوصات المخبرية، والأدوية المتناولة، وتقديم توصيات شخصية وآمنة.

ومع ذلك، تظل الاستشارة الطبية المتخصصة أمرًا لا غنى عنه لضمان الاختيار الآمن والفعال للمكملات الغذائية وتحديد الجرعات المناسبة لتلبية الاحتياجات الفردية ودعم الصحة المثلى خلال هذه المرحلة الهامة من حياة المرأة.

Related posts

الحميات منخفضة السعرات تعزز أعراض الاكتئاب

هل يُخفّف الريتينول علامات الشيخوخة؟

السلامي: مواجهتنا مع عُمان مهمة وليست حاسمة واللاعبون جاهزون