أحدث مسح ثلاثي الأبعاد لحطام سفينة تيتانيك نقلة نوعية في فهم تفاصيل غرق السفينة الشهيرة قبل 113 عاماً، مقدماً رؤية غير مسبوقة للحطام المغمور في أعماق المحيط الأطلسي.
ووفقاً لصحيفة “مترو” فإن المشروع الذي نفذته شركة Magellan للتصوير تحت الماء كشف عن تفاصيل دقيقة يمكن أن تغير فهمنا لكيفية غرق السفينة وما حدث خلال الدقائق الأخيرة قبل اختفائها تحت سطح الماء، بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة.
صور ثلاثية الأبعاد لحطام تيتانيك
من خلال 715,000 صورة وملايين القياسات بالليزر، نجح الباحثون في إنتاج نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد للسفينة، ما أتاح للخبراء فرصة فحصها بوضوح أكبر مما كان ممكناً خلال رحلات الغوص الاستكشافية السابقة.
هذا المسح أتاح لأول مرة إمكانية رؤية السفينة بالكامل، بما في ذلك الأجزاء المدفونة في الرمال، والتي لم تكن مرئية سابقاً.
وواحد من أبرز الاكتشافات التي عُثر عليها هو وجود صمام مفتوح في إحدى غرف الغلايات العملاقة، وهو ما يشير إلى أن البخار كان لا يزال يتدفق لتشغيل المولدات الكهربائية خلال لحظات الغرق، مما يفسر استمرار إضاءة السفينة لفترة أطول مما كان متوقعاً.
كما أظهرت الصور أن بعض الغلايات انهارت نحو الداخل، وهو ما قد يعني أنها ظلت تعمل حتى غمرتها المياه بالكامل.
لحظات ما قبل الغرق
وعلى مدار عقود، تناقلت شهادات الناجين عن تفاصيل غرق تيتانيك، بما في ذلك بقاء الأضواء مشتعلة حتى اللحظات الأخيرة.
هذه الصور الحديثة تدعم صحة هذه الروايات، حيث تظهر أن الطاقم بذل جهداً لإبقاء الطاقة تعمل أطول وقت ممكن، ما ساعد في تنظيم عمليات إجلاء الركاب وسط الظلام القاتم للمحيط الأطلسي.
من جهة أخرى، أكدت النماذج الرقمية أن السفينة انقسمت إلى نصفين أثناء غرقها، وهو ما أثبت لأول مرة عام 1985 عندما تم العثور على الحطام باستخدام رادار السونار الجانبي.
إلا أن المسح الجديد كشف تفاصيل إضافية حول كيفية تفتت الجزء الخلفي من السفينة، الذي يبدو أنه دار حول نفسه، وتفتت أثناء الهبوط إلى القاع، بينما بقي الجزء الأمامي بحالة أفضل نسبياً.
تيتانيك: الشاهد الأخير على الكارثة
ويعتبر الخبراء سفينة تيتانيك بمثابة آخر شاهد صامت على واحدة من أعظم المآسي البحرية في التاريخ، حيث لقي أكثر من 1,500 شخص حتفهم في المياه الجليدية شمال المحيط الأطلسي.
وعلى الرغم من مرور أكثر من قرن على غرقها، لا تزال السفينة تثير اهتمام العلماء والباحثين، إذ يضيء كل استكشاف جديد على المزيد من أسرارها.
في الوقت الذي أثار فيه مسلسل “Adolescence” على نتفليكس جدلاً واسعاً حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين، يغفل الكثيرون عن خطر آخر لا يقل أهمية وهو “عالم الألعاب الإلكترونية”.
المسح الذي سيتم عرضه في وثائقي جديد على قناة “ناشيونال جيوغرافيك” بعنوان “تيتانيك: القيامة الرقمية” يسلط الضوء على هذه الاكتشافات، موفراً فرصة نادرة للجمهور لمشاهدة السفينة وكأنهم يغوصون في أعماق المحيط بأنفسهم.
رحلة تيتانيك الأخيرة
وكانت تيتانيك قد أبحرت في رحلتها الأولى من ساوثهامبتون بإنجلترا في 10 أبريل (نيسان) 1912، متوجهة إلى نيويورك عبر شيربورغ بفرنسا وكوبه في أيرلندا.
وانتهت الرحلة بشكل مأساوي بعد اصطدامها بجبل جليدي مساء 14 أبريل(نيسان) لتغرق بالكامل في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي على بعد حوالي 600 كيلومتر جنوب شرق نيوفاوندلاند.
ورغم أن تيتانيك كانت تسير بسعة أقل من الحد الأقصى، حيث كانت قادرة على استيعاب أكثر من 1,000 شخص إضافي، إلا أن عدد قوارب النجاة كان غير كافٍ، ومن بين 2,240 شخصاً على متنها، نجا 706 فقط، بينما فقد 1,500 شخص حياتهم.
وتفاوتت معدلات النجاة بين الفئات الاجتماعية، حيث نجا 62% من ركاب الدرجة الأولى مقارنةً بـ 25% فقط من ركاب الدرجة الثالثة، كما حصلت النساء والأطفال على الأولوية في عمليات الإجلاء، ما رفع معدل نجاتهم إلى 75% و50% على التوالي.