ملابس بتطريز يحمل رموزا وأشكالا مستوحاة من تراث الأردن وتاريخه ومنطقته الجغرافية، حيث أصبحت خيارا شائعا بين الشباب والفتيات، وحتى الأطفال، الذين يرتدونها بفخر ويتباهون بها في مختلف أنحاء العالم.
ولم يقتصر الأمر على الملابس فقط، بل تجسدت هذه الرموز في أشكال أخرى مثل تعليقات المفاتيح، والأطواق، والأساور، واكسسوارات الهاتف، حيث تعبر جميعها عن حب الوطن.
ومن بين أكثر الرموز التي يميل لها الشباب، الشماغ الأحمر، الذي لم يعد يقتصر على كونه غطاء للرأس، بل أصبح جزءا من تصاميم الملابس والقبعات وحتى الإكسسوارات بمختلف اشكالها. كما يستخدم في صنع قطع ديكور جميلة تزين جدران المنازل وتعليقات المركبات، وأغطية “كفرات” للهواتف، وملصقات صغيرة.
رموز وطنية وتراثية
جنى حداد (17 عاما)، تلقت هدية مميزة من صديقاتها بمناسبة عيد ميلادها، إذ حرصن على اختيار شيء يعكس حبها العميق للرموز الوطنية والتراثية والتاريخية. فكانت الهدية عبارة عن “هودي”، مطرز بأشكال تعبر عن تراث الأردن مثل العلم الأردني، دلة القهوة العربية، الجمل، وزهرة السوسنة السوداء.
وتعبر جنى عن فرحتها بهذه الهدية وأنها من أجمل ما تلقت، إذ تحرص على ارتدائها دائما، خاصة في المناسبات الوطنية أو عند حضورها احتفالات مختلفة. كما تحب توثيق لحظاتها معها عبر التقاط الصور ومشاركتها على مواقع التواصل، حيث لاقت تفاعلا كبيرا.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أبدت العديد من صديقاتها رغبة في اقتناء ملابس مشابهة، تعبيرا عن اعتزازهن بالرموز التي تمثل الوطن.
لم يعد ارتداء الملابس المطرزة مقتصرا على الفتيات فقط، بل أصبح شائعا أيضا بين الشباب، حيث يفضل الكثيرون منهم ارتداء قطع تحمل تطريزات أو مطبوعات مستوحاة من العلم الأردني والشماغ الأحمر، وحتى عبارات عن الوطن تعكس مشاعر الفخر، فهذه التصاميم أصبحت رمزا يعبر عن الهوية الوطنية وحب البلد.
تعزز الذاكرة الوطنية
وفي الأردن، تم تخصيص السادس عشر من نيسان من كل عام يوما للاحتفاء بـالعلم الأردني، وهو قرار أقره مجلس الوزراء تزامنا مع احتفالات مئوية تأسيس الدولة الأردنية. ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز الشعور الوطني لدى المواطنين، حيث تشكل هذه الرموز معاني متراكمة تعزز الذاكرة الوطنية، وفق ما جاء في بيان القرار آنذاك.
وكما هو الحال لدى آلاف الشباب، لا تخلو خزانة عروة الزيود من مجموعة مميزة كما يصفها من الملابس والميداليات والأساور الشبابية، الوشاح الشتوي، والشماغ الأحمر، إذ يرى أن كل هذه القطع تحمل تفاصيل أردنية تعكس مشاعر الحب والانتماء.
ويقول عروة إنه اقتدى ببعض زملائه الذين يحرصون على ارتداء الشماغ أو الملابس التي تحمل رموزا أردنية ذات معان عميقة رغم بساطتها في التفاصيل، وحتى الملابس التي تحمل شعار المنتخب الوطني، إذ يعتبرها وسيلة لإيصال رسائل واضحة للعالم حول أهمية هذه الرموز كما يرى أن انتشار هذا التوجه بين الشباب والفتيات من مختلف الأعمار يعد مؤشرا ايجابيا.
مقتنيات وأزياء تلفت الشباب
يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي على أهمية حفاظ المواطن على رموز وطنه والافتخار بها، معتبرا أن إبراز هذه الرموز بأي شكل سواء من خلال المقتنيات أو الأزياء أو غيرها هو أمر يعزز الشعور بالانتماء ويجعل الشباب يعبرون عن حبهم لوطنهم بطريقتهم الخاصة.
ويشير خزاعي إلى أن الاحتفاء بهذه الرموز، بأي شكل كان، ينبغي أن يكون سلوكا متجذرا لدى الشباب ومختلف الفئات العمرية، والأجمل أن ينبع هذا الأمر من حب وقناعة حقيقية. فكلما زاد الشخص فخرا بتفاصيل وطنه ورموزه، كلما اكتسب احترام الآخرين في أي مكان يتواجد فيه، ما يمنحه ثقة أكبر بنفسه وببلده. ويضيف أن الأجمل من ذلك هو تمسك الفرد بهذه الرموز الوطنية أينما كان، سواء داخل الوطن أو خارجه.
من اللافت أيضا أن العديد من البيوت تتعمد رفع العلم الأردني في المناسبات الوطنية، تعبيرا عن عمق الانتماء والفخر بالوطن. كما يحرص البعض على وضع ملصقات تحمل رموزا وطنية على كتبهم الجامعية، هواتفهم وداخل مكاتبهم.
جمال الأماكن السياحية الأردنية
هذا ما تؤكده سهام جوابرة، التي تحرص كربة منزل على دمج الرموز الوطنية في مختلف زوايا بيتها. ففي غرفة الجلوس، تبرز صورة كبيرة للبتراء، بينما زينت مدخل المنزل بمجسم فضي لخريطة الأردن. أما ثلاجة المطبخ، فقد ملأتها بملصقات مغناطيسية جمعتها من رحلاتها إلى جرش، مادبا، البتراء، والعقبة، ومناطق اخرى.
وترى أن هذه التفاصيل تعكس حب الوطن وتعزز التراث، وتظهر جمال الأماكن السياحية الأردنية.
يؤكد الدكتور خزاعي أن اجتماع أبناء الوطن على الاحتفاء والفخر بالرموز الوطنية وإبرازها في مختلف المناسبات يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم والانتماء، ويجمعهم على التكاتف الوطني، كما يعزز أواصر الروابط بينهم، ويمنحهم قوة جمعية.
وكما يضع الأردني العلم في بيته أو مناسباته الخاصة والوطنية، أو يحمله على ملابسه وكتبه ومقتنياته، فإنه كما يشير خزاعي يجب أن يتذكر أن هذا العلم يرفع في أكبر المحافل والتجمعات العالمية، وهو ما يبعث على الفخر والطمأنينة بكونه ينتمي إلى وطن له سيادة وقوة وهيبة.
تعزيز الحس الوطني
ويتفق الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة، مؤكدا أن تعزيز الحس الوطني والانتماء للوطن هو عملية تربوية مهمة، تسهم في غرس قيم الولاء مهما تغيرت الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية. فالوطن، كما يقول، يبقى بوصلة المواطن أينما كان.
ويشدد النوايسة على أن تعزيز هذه الثقافة يجب أن يكون مسؤولية كل المؤسسات التربوية والاجتماعية، حيث إن الحديث المتكرر عن الرموز الوطنية أمام الأبناء يرفع من معنوياتهم ويعمق ارتباطهم بالوطن، سواء من خلال الملابس التراثية، العلم، الأماكن الجغرافية، أو وضع هذه الرموز على المقتنيات الشخصية.
أما في المدرسة والمحافل التربوية، فإن تخصيص مساحة لهذه الرموز سواء بوضعها في الأماكن العامة أو شرح معانيها في الدروس الوطنية، يخلق لدى الأطفال حالة من الإعجاب والفضول لمعرفة المزيد عما يرمز ويمثل الأردن.
وهذا، في حد ذاته، يعد نوعا من التوعية الوطنية والتربوية والمجتمعية، التي تعزز الانتماء الوطني والعروبي في آن واحد.