حددت وزارة الصناعة والتجارة والتموين، أبرز الآثار السلبية الناتجة عن الممارسات التجارية غير العادلة بين التجارة الإلكترونية والتجارة التقليدية، وفقاً لأبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية.
وتعرف الممارسة التجارية غير العادلة في هذا السياق على أنها الأنشطة أو السياسات التي تمنح الشركات العاملة في التجارة الإلكترونية ميزة تنافسية غير متكافئة مقارنة بالشركات التقليدية، ويشمل ذلك استغلال الفجوات التشريعية والتنظيمية، مثل التهرب من دفع الضرائب والرسوم الجمركية أو تجنب الالتزامات القانونية والتنظيمية التي تفرض على الشركات التقليدية وغياب الشفافية، حيث ينتج عن هذه الممارسات تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني، التنافسية التجارية، وحقوق المستهلكين، مما يتطلب وضع حلول وتشريعات لتحقيق التوازن في بيئة الأعمال.
وبينت الوزارة في تقرير تقييم الأثر التشريعي للتجارة الإلكترونية أن الممارسات التجارية غير العادلة في التجارة الإلكترونية تحتاج إلى حلول متكاملة، إذ يعكس ضعف التنظيم والرقابة أثرا سلبيا على الاقتصاد الوطني، وثقة المستهلكين، والاستدامة البيئية، مؤكدا ضرورة تعزيز القوانين والبنية التحتية لدعم التوازن بين التجارتين بما يحقق النمو المستدام للجميع.
وعلى صعيد الأثر الاقتصادي، أظهر التقرير أن الممارسات التجارية غير العادلة بين نوعي التجارة، يؤدي إلى ضعف التنافسية التجارية، عبر تفضيل الشركات العمل بنحو غير رسمي لتجنب التكاليف التنظيمية والضرائب، مما يساهم في انتشار اقتصاد الظل، الذي يقلل الإيرادات الضريبية للدولة، مما يؤثر على قدرتها على الاستثمار في البنية التحتية الرقمية والخدمات العامة، فيما يؤثر عدم التوازن بين التجارة الإلكترونية والتقليدية على استقطاب الاستثمارات في السوق المحلية، حيث تبحث الشركات عن بيئات تجارية أكثر عدالة وتنظيماً.
وعلى صعيد الأثر الاجتماعي، أظهر التقرير وجود نقص في الثقة في التوازن بين التجارة الإلكترونية والتجارة التقليدية، إذ يعاني المستهلكون من ضعف الوعي حول حقوقهم ومسؤولياتهم في التعامل مع الممارسات التجارية غير العادلة بين التجارتين، مما يؤدي إلى ترددهم في الاعتماد على الأنماط المختلفة للتجارة.
كما اعتبر التقرير أن ذلك يؤدي لزيادة في الانتهاكات لحقوق الملكية الفكرية نتيجة التفاوت في التنظيم وضعف التنظيم المشترك بين التجارتين الإلكترونية والتقليدية، مما يسهل انتشار القرصنة وبيع السلع المقلدة في كلا القطاعين، ويقلل من ثقة المستهلكين والشركات في البيئة التجارية بنحو عام.
ولفت التقرير إلى أن تزايد الممارسات التجارية غير العادلة بين التجارتين يؤدي إلى تراجع عوائد الشركات التقليدية، مما يقلل من فرص العمل ويزيد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات التي تعتمد على هذه الأنشطة.
وعلى صعيد الأثر البيئي، اعتبر التقرير أن الممارسات التجارية غير العادلة، تؤدي لتدهور بيئي بسبب النقل غير العادل، وممارسات الشحن غير المتوازنة بين التجارتين ، وتقديم أسعار مخفضة أو دعم غير مباشر لشركات التجارة الإلكترونية الكبرى، حيث يزيد الاعتماد على وسائل النقل السريع ذات الانبعاثات العالية للكربون، مما يضع الشركات التقليدية في منافسة غير عادلة ويزيد من التلوث البيئي.
وأشار إلى أن التجارة الإلكترونية تتبنى استخدام التغليف المفرط وغير القابل لإعادة التدوير في كثير من الأحيان، بينما تلتزم الشركات التقليدية بقواعد أكثر صرامة لإدارة النفايات، وهذا التفاوت يؤدي إلى زيادة النفايات البلاستيكية.
وأظهر أن ذلك يؤدي إلى غياب الوعي البيئي المتوازن، إذ تؤدي المنافسة غير العادلة إلى تقليل الاستثمار في ممارسات مستدامة من قبل كلا القطاعين، ففي التجارة الإلكترونية، تعطى الأولوية للربحية على الاستدامة، بينما تواجه الشركات التقليدية قيودا تنظيمية أكثر صرامة، مما يزيد من تدهور الموارد الطبيعية والبصمة الكربونية نتيجة عدم تكافؤ السياسات البيئية.
وعدد التقرير المسببات الرئيسية التي تساهم في رفع المخاطر والتحديات المتعلقة بالممارسة التجارية غير العادلة بين التجارة الإلكترونية والتجارة التقليدية، وهي الاستغلال غير العادل للفجوات التنظيمية، وغياب التنسيق بين الأحكام التشريعية المنظمة للتجارة الإلكترونية والتقليدية، والتفاوت في الالتزامات الضريبية والتنظيمية بين التجارة الإلكترونية والتقليدية، إذ تختلف الالتزامات الضريبية والتنظيمية بين التجارتين مما يساهم في إيجاد ميزة غير عادلة لصالح التجارة الإلكترونية.
وقال التقرير أنه وفي ضوء الوضع الحالي الموصوف، تحدد وزارة الصناعة والتجارة والتموين، هدفها العام بالعمل على توفير بيئة عادلة ممكنة للتجارة الإلكترونية مستقطبة للاستثمار وممارسة الأعمال في الأردن، وقادرة على توليد فرص مدرة للدخل للمواطنين.
وقدّرت الوزارة بناء على ذلك الأهداف التفصيلية الفرعية لعام 2025، التي ستساعد على تحقيق الهدف العام، وهي: تعزيز البيئة القانونية والتنظيمية للتجارة الإلكترونية في عام 2024-2025، وتحسين البنية الرقمية التحتية بما يتماشى مع أهداف الإستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية ورؤية التحديث الاقتصادي في 2025، وإطلاق ورشات توعوية حول حقوق المستهلكين في التجارة الالكترونية وقانون حماية المستهلك لزيادة ثقة وحماية حقوق المتعاملين في التجارة الإلكترونية في عام 2025، وإطلاق برنامج توعية حول التجارة الالكترونية للمستهلكين والشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لرفع الوعي حول التجارة الالكترونية للمستهلكين والشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والقوانين ولوائح العمل وقنوات الدفع الإلكتروني في 2025.
واعتبر التقرير أن التجارة الإلكترونية محرك رئيسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، من خلال تعزيز التنافسية، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتمكين الأفراد والمجتمعات، إذ تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وأكد ضرورة أن تعمل الحكومة والقطاع الخاص معاً، لتطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير الدعم اللازم للشركات والأفراد للاستفادة من الفرص التي تقدمها التجارة الإلكترونية مع مراعاة العدالة مع التجارة التقليدية.
وفي وقت سابق أقرت الحكومة الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية وخطة العمل الخاصة بها للعام 2023 والتي تتوافق مع الأهداف والركائز الاستراتيجية لرؤية التحديث الاقتصادي، ومن الأهداف الرئيسية للاستراتيجية؛ وضع الأردن على الخارطة كأحد أسرع مراكز التجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة عبر الإنترنت نمواً في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبين التقرير وجود عدد من العوامل التي تساعد الحكومة على تحقيق هذه الرؤية منها: موقع الأردن الاستراتيجي بين الشرق والغرب، والتطور التكنولوجي بالمقارنة في دول الجوار، والخبرات والمؤهلات العلمية والتقنية للشباب المحفزة للابتكار وريادة الأعمال، بالإضافة إلى بيئة الأعمال الناضجة فيما يتعلق بالشركات الرقمية والشركات الناشئة ومؤسسات التمويل والحاضنات والمسرعات التي تستهدف قطاع التكنولوجيا في المملكة.
وبحسب دراسة خريطة الشركات الناشئة وتحليل الفجوة 2021 التي صنفت الدراسة 275 شركة ناشئة ضمن 21 قطاعا رئيسيا بتقرير تقييم جاهزية الأردن للتجارة الالكترونية؛ تواجه الشركات عدة تحديات عند المشاركة في أنشطة التجارة الإلكترونية.
ولتنظيم القطاع، أدخلت الحكومة تعريفات جديدة لتخليص الطلبات عبر الإنترنت للاستخدام الشخصي، حيث تخضع الشحنات التي تقل قيمتها عن 200 دينار أردني للرسوم الجمركية، بهدف دعم نمو قطاع التجارة الإلكترونية ووضع الأردن كلاعب رئيسي في المنطقة.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات التنظيمية، بين التقرير أن القرار المتعلق بالطرود البريدية أدى إلى ظهور بعض التحديات التي أثرت سلباً على التجارة التقليدية، فقد استُخدمت الطرود البريدية لأغراض تجارية بطريقة لا تتماشى مع المتطلبات التنظيمية المطبقة على التجارة التقليدية، والتي تتحمل تكاليف تشغيلية مثل أجرة المحلات رواتب الموظفين، الضرائب، الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى التزامها بالخضوع لحملات الرقابة من الجهات المعنية.
وفي المقابل، تتيح التجارة الإلكترونية إدخال طرود إلى الأردن تحتوي على بضائع غير ملتزمة بالقوانين والتشريعات اللازمة، ويُعزى ذلك إلى تعدد الأحكام التشريعية وتعدد الجهات الناظمة، بالإضافة إلى نقص الوعي لدى العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالقوانين والأنظمة النافذة المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز التوعية والتنظيم في هذا المجال.
وتشهد التجارة الإلكترونية في الأردن نمواً ملحوظاً ، مدفوعة بتطورات تكنولوجية وتحولات في سلوكيات المستهلكين، خاصة بعد انتشار جائحة كورونا، حيث دفعت الجائحة العديد من الشركات إلى اللجوء إلى الإنترنت للحفاظ على نشاطاتها التجارية مما أدى لازدياد حجم تعاملات التجارة الإلكترونية، وهذا النمو يعكس تأثيرات متعددة على الاقتصاد والمجتمع والبيئة، بالإضافة إلى التأثيرات السياسية والتكنولوجية والقانونية.
وينعكس هذا الوضع على البيانات والإحصاءات الرسمية، مما يجعل من الصعب تقييم حجم القطاع وفهم تأثيره الاقتصادي علما بأن قطاع التجارة الإلكترونية في الأردن قد شهد نمواً كبيراً، حيث وصلت الإيرادات إلى 739 مليون دولار في عام 2021، بزيادة قدرها 25.5 بالمئة مقارنة بالعام السابق.
وتمتلك الأردن قاعدة مستخدمين كبيرة، حيث يوجد نحو 7 ملايين مستخدم للإنترنت، وأكثر من ثلثهم تسوقوا عبر الإنترنت في عام 2021، مما أسفر عن متوسط الإيرادات لكل مستخدم يقدر بحوالي 200 دولار.