تتحدث نشرة معهد العناية بصحة الأسرة (من معاهد مؤسسة الملك الحسين)، اليوم الأربعاء، عن الذاكرة، التي تُعدّ من أعظم قدرات العقل البشري، فهي التي تمكّننا من الاحتفاظ بالمعلومات واسترجاعها عند الحاجة، مما يُساعدنا على التعلم، واتخاذ القرارات، والتفاعل مع العالم من حولنا.
وتضع نشرة المعهد بين يدي القارئ بتفصيل علمي أنواع الذاكرة، الحسية، وقصيرة المدى، والعاملة، وطويلة المدى، إضافة إلى بيان أسباب ضعفها، وأساليب تعزيزها والحفاظ عليها.
تعمل هذه الأنواع المختلفة من الذاكرة معًا لتُشكّل هويتنا كأفراد، ومع ذلك، نادرًا ما نفكر بعمق في كيفية عمل الذاكرة. إنها ظاهرة تنطوي على عدة عمليات، ويمكن تقسيمها إلى أنواع متعددة، يلعب كل منها دورًا مهمًا في حفظ المعلومات واسترجاعها
أنواع الذاكرة:
تُقسم الذاكرة إلى عدة أنواع وفقًا لمدتها ووظيفتها:
- الذاكرة الحسية (Sensory Memory):
الذاكرة الحسية تُمكّنك من تذكر المعلومات الحسية بعد انتهاء التحفيز من خلال إحدى الحواس. على سبيل المثال، تذكُّر إحساس لمسة شخص ما أو صوت سمعته أثناء مرورك يُعد جزءًا من الذاكرة الحسية. يرى الباحثون الذين يصنفون الذاكرة كمرحلة أكثر من كونها نوعًا، أن جميع أنواع الذكريات الأخرى تبدأ بتكوين ذكريات حسية. عادةً، تحتفظ الذاكرة الحسية بالمعلومات لفترات وجيزة جدًا. عندما تتكرر تجربة حسية معينة مرارًا وتبدأ في ربطها بذكريات أخرى، فإن التجربة الحسية تتوقف عن العيش في ذاكرتك الحسية. في هذه الحالة، قد تنتقل إلى ذاكرتك قصيرة المدى أو بشكل أكثر ديمومة إلى ذاكرتك طويلة المدى.
الذاكرة الحسية تُعتبر أول مرحلة في عملية حفظ المعلومات، حيث تستقبل المحفزات الحسية من البيئة (مثل الصور والأصوات) لفترة وجيزة جدًا وتكون مدة التخزين لا تتجاوز ثانية أو اثنتين، و تُتيح لنا التعرف السريع على المحفزات الحسية قبل أن تُنقل إلى الذاكرة قصيرة المدى.
- الذاكرة قصيرة المدى (Short-Term Memory) :
كما يشير الاسم، تتيح لك الذاكرة قصيرة المدى تذكر معلومات محددة لفترة زمنية وجيزة. على الرغم من أن الذاكرة قصيرة المدى ليست عابرة تمامًا مثل الذاكرة الحسية، إلا أنها ليست دائمة كما هو الحال مع الذاكرة طويلة المدى. تُعرف الذاكرة قصيرة المدى أيضًا باسم الذاكرة الأولية أو الذاكرة النشطة. تدوم الذكريات قصيرة المدى عادةً لفترة تتراوح بين 15 إلى 30 ثانية. على سبيل المثال، عندما تقرأ سطرًا في كتاب أو سلسلة من الأرقام التي تحتاج إلى تذكرها، فإن ذاكرتك قصيرة المدى هي التي تعمل.
يمكنك الاحتفاظ بالمعلومات في ذاكرتك قصيرة المدى من خلال تكرار تلك المعلومات. على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة إلى تذكر سلسلة من الأرقام، فقد تكررها لنفسك مرارًا حتى تدخلها. ومع ذلك، إذا طُلب منك استرجاع هذه الأرقام بعد حوالي 10 دقائق من إدخالها، فمن المرجح أنك لن تتمكن من ذلك.
3 . الذاكرة العاملة:
الذاكرة العاملة هي نوع من الذاكرة يتضمن كمية صغيرة وفورية من المعلومات التي يستخدمها الشخص بنشاط أثناء أداء مهام معرفية. بينما يرى البعض أن الذاكرة العاملة تُعد نوعًا رابعًا ومميزًا من أنواع الذاكرة، فإنها قد تُدرَج تحت تصنيف الذاكرة قصيرة المدى، وغالبًا ما تُستخدم المصطلحات بشكل متبادل.
- الذاكرة طويلة المدى:
تُخزّن الغالبية العظمى من ذكرياتنا في الذاكرة طويلة المدى. أي ذكرى نستطيع استرجاعها بعد مرور 30 ثانية يمكن تصنيفها ضمن الذاكرة طويلة المدى. وتتفاوت هذه الذكريات في أهميتها، بدءًا من تذكر اسم وجه مألوف في مقهى مفضل لديك، إلى معلومات مهمة مثل تاريخ ميلاد صديق مقرب أو عنوان منزلك.
لا توجد حدود لكمية المعلومات التي يمكن أن تخزنها ذاكرتنا طويلة المدى أو لمدة بقائها. ويمكن تقسيم الذاكرة طويلة المدى إلى فئتين رئيسيتين: ذاكرة صريحة وذاكرة ضمنية.
- ذاكرة صريحة (Explicit Memory): تُخزّن المعلومات الواعية مثل الحقائق والأحداث.
-
ذاكرة ضمنية (Implicit Memory): تتعلق بالمهارات والعادات المكتسبة مثل ركوب الدراجة.
أسباب ضعف الذاكرة وكيفية التغلب عليها:
1 – عوامل صحية مثل:
- نقص الفيتامينات والمعادن مثل فيتامين ب 12
-
أمراض مثل الزهايمر أو اضطرابات الغدة الدرقية.
2 – عوامل بيئية ونمط حياة: مثل قلة النوم، الإجهاد، وسوء التغذية.
كيفية تقوية الذاكرة:
على الرغم من أن القدرات العقلية قد تتأثر مع التقدم في العمر أو نتيجة للضغوط الحياتية، إلا أن هناك العديد من الأساليب لتعزيز الذاكرة والحفاظ عليها:
1 – الحصول على التغذية الصحية:
- أطعمة غنية بالمغذيات: تناول الأطعمة التي تدعم صحة الدماغ مثل الأسماك الدهنية (المصدر الأساسي للأوميغا-3)، المكسرات، البذور، والتوت.
-
الترطيب: شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على وظائف الدماغ.
-
الحد من السكر والأطعمة المصنعة: تُؤثر هذه الأطعمة سلبًا على صحة الدماغ.
2- الحصول على النوم الكافي: حيث يُعزز النوم الجيد ترسيخ المعلومات الجديدة في الذاكرة طويلة المدى فاحرص على النوم لمدة 7-9 ساعات يوميًا، وتجنب الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
3- ممارسة التمارين العقلية: وتشمل الألعاب الذهنية مثل الألغاز، الكلمات المتقاطعة، والشطرنج، فاحرص على تعلم أشياء جديدة مثل لغة أجنبية أو مهارة جديدة، مما يُحفّز نمو الروابط العصبية.
4 – ممارسة النشاط البدني: حيث تُحسّن التمارين الرياضية مثل المشي، الجري، اليوغا، وتمارين القوة من تدفق الدم إلى الدماغ، مما يُعزز من وظائفه.
5- إدارة التوتر: حيث يُؤدي التوتر المزمن إلى تلف خلايا الدماغ وإضعاف الذاكرة، ومن التقنيات المفيدة لإدارة التوتر: ممارسة التأمل، التنفس العميق، وقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء والعائلة.
6 – تطبيق تقنيات تحسين الحفظ، وتشمل:
- التكرار: يُعد من أكثر الطرق فعالية لترسيخ المعلومات.
-
الربط : ربط المعلومات الجديدة بمعلومات مألوفة.
-
تقسيم المعلومات: تقسيم المعلومات إلى وحدات صغيرة يسهل حفظها.
-
استخدام الخرائط الذهنية: تُساعد على تنظيم المعلومات بطريقة بصرية.
7 – استخدام التكنولوجيا بحكمة:
-
تطبيقات مساعدة: هناك العديد من التطبيقات التي تُساعد على تحسين الذاكرة مثل تطبيقات الألعاب التعليمية.
-
تجنب الإفراط في الاعتماد على الأجهزة: حاول حفظ وتذكّر المعلومات بدلًا من الاعتماد على الهاتف الذكي.