الدكتور نضال المجالي
منذ سنوات ليست قليلة، اعتبر نفسي من المهتمين دون انقطاع لمتابعة البرامج الإذاعية الصباحية، التي تبث محليا على مختلف الإذاعات الأردنية، والتي يمضي في متابعتها عدد لا يستهان به من الأردنيين والأردنيات المتوجهين لعملهم او لجامعاتهم او لمدارسهم او الجالسون في منازلهم، وكغيري من المستمعين اختار غالبا بين برنامج او اثنين واقصد بين صوت حر او اثنين على الأكثر للمتابعة، ومع ذلك غالبا اعود للمساحات الإعلامية الواعية فقط، وبالتأكيد استند شخصيا في خياراتي على قواعد اساسية ابرزها الصوت، “واقصد صاحب الكلمة الحر بمهنية” وليس صوت الضجيج و “الهوبرة” والوعيد الإعلامية، وثانيها الوعي والثقافة والحرص بالموضوع او القضية، وليس التطبيل والتشكيك واستقبال البيانات والمعلومات المنقوصة الغبية، وثالثها اختار من يملك هدوء النفس الذي اعلم جزء من خلفية حياته اليومية، لأضمن قبول السلوك والكلمة والتوجيه ومدى توافقها وعاداته بنسب مؤية.
اليوم نعيش في زمن عنوانه زحمة الصوت والتشكيك والمساحات المفتوحة من البث الهوائي، التي ضن الكثير ممن يقف خلف ميكروفوناتها انها مساحات من ملكية خاصة، يبث فيها مصالحه ورغباته، وتصل احيانا لمناوشاته وعقده الشخصية، متناسيا ان الهواء ملك الجميع، وما يعيشه من ساعات في حجزه لا يشبه حجز طاولة للعبة ورق الشدة مع أصدقاءه ممن يتقبلون سلوكياته وأحاديثه الشخصية الجانبية، فنحن كجمهور محب للإذاعات ونتابعها لا يعنينا شخصك بقدر رغباتنا في وجبة صحية صباحية، تخلو من الأمراض والمنغصات النفسية والشخصية.
المساحة الحرة في البث للجمهور مفهوم وعي وليس تعدي، مفهوم ثقافة وليس جهل، مفهوم تقدير واحترام للأفراد والمؤسسات وليس تسلط ووعيد، مفهوم اختيار الموضوع والقضية التي تستوجب المشاركة بحثا عن الحل. المساحة الحرة لمن لا يعيها تستوجب من الجهات الرقابية والمسؤولة من مؤسسات رسمية ان تربي “واقصد تدرب” من يجهلها في دولة القانون والحريات، فالتربية سلوك هام لمن يسمح له بمخاطبة الجمهور بفضاء وبث مفتوح، وليكون من يمثلها على الاقل شخصية لا تمثل الضجيج و “الهوبرة” الإعلامية، وليعلم هذا الشخص ان الضجيج والصوت العالي ليس حجة القوي الصادق، فغالبا هي أدوات الضعيف المهزوز، الذي يختبىء خلف ستائر متنوعة، ولكنها وان اجتمعت تظهرك خيالا لا يمثل تلك الحقيقة.
“هوبرة” إعلامية ومساحات تعدي في فضاء البث الهوائي عشناها قبل ايام بحق مؤسسة اقتصادية اجتماعية وطنية، دفعتني لطرح رأيي بالموضوع فكيف وهي المؤسسة التي يلتف حولها العامل والمتقاعد وكل من رغب بمظلة حماية أسرية، لها مكانة واستدامة واستمرارية تمثل اغلب ابناء الوطن من منتسبيها، مما يستوجب من صاحب القرار إقصاء ومقاضاة كل من ضن نفسه يملك رخصة بث لهجوم وتعدي دون دليل او معلومة فنية، وقد يكون صاحب “الهوبرة” ذاتها هو احد ابرز منتسبيها ومستفيديها، وغالبا باعلى السقوف المالية، فهل يا سادتي يحق لاي من كان ان يملىء آذاننا بحشوات سباب ووعيد وتهديد ومعلومة غير حقيقة؟ ولهذا وبعيدا عن مساحته التي سمعتها قصرا لأعلم ما حدث ومع تقديري ومحبتي لكثيرين مهنيين ومختلفين عنه من اصحاب الميكروفونات الإذاعية المحلية اعود لاختار تردد بث لصوت العقل والهمة والصدق والثقافة الوطنية واطالب كثيرين لتحريك مؤشر التردد الهوائي بعيدا عن الضجيج و “الهوبرة” الإعلامية.