“توجيهي 2024”.. محطات مثيرة للجدل وتساؤلات حول متى تنتهي؟

عمان– يسدل الستار اليوم، على انعقاد الامتحان العام لشهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)، وذلك بتقديم طلبة الفروع الأكاديمية والمهنية آخر جلسة لهم، ضمن جلسات الامتحان للعام الحالي في مبحث تاريخ الأردن.

ورافقت هذا الامتحان على نحو عام، مجموعة مصطلحات، سادت في دورات امتحانية سابقة، حول طبيعة الامتحان ووصفه في السجالات التي تدور عادة بشأنه، مثل أن الأسئلة “لم تراع الفروقات الفردية” و”صعبة” و”عدم كفاية الوقت”، لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل حقق امتحان “التوجيهي” المعايير التي تسند عليها وزارة التربية والتعليم، من حيث التزامها بنسبة أسئلة القدرات العليا في الامتحانات، هل راعت الفروقات الفردية والمدة الزمنية، لتتلاءم وتنسجم مع طبيعة الأسئلة؟

Unmute

تتبع وزارة التربية معيارا يتمثل بأن تكون الورقة الامتحانية معدة وفق جدول المواصفات، بحيث تكون هناك نسبة
40 % سهلة و40 متوسطة و20 % للقدرات العقلية العليا، ولعل الأمر المفصلي لهذا العام، يكمن في حالة الجدل التي أثارتها أوراق امتحانية متعلقة بمبحثي اللغة العربية – الثقافة المشتركة، والورقة الأولى للرياضيات والكيمياء (علمي).
ففي امتحان اللغة العربية – الثقافة المشتركة، كان هناك شبه إجماع من الطلبة بأنه كان صعبا، ولم يراع الفروقات الفردية بينهم، مؤكدين بأن أسئلته كانت تحتاج لتركيز عال للإجابة عليها، إذ بدت صعوبتها في نوعي أسئلة الاختيار من متعدد (الدوائر) وأسئلة المهارات، وسهلة إلى حد ما في أسئلة: النصوص والعروض والقواعد، في وقت أكدت فيه الوزارة، بأن الامتحان كان متوسطا ومراعيا لمستويات وقدرات الطلبة المختلفة، ما يراعي أيضا جدول المواصفات الذي وضعته الوزارة.
وبخصوص الورقة الأولى لامتحان الرياضيات (علمي)، الذي تقدم إليه الطلبة في ثالث جلسة امتحانية، أثار سؤال الفرع (أ) من السؤال الـ3 جدلا واسعا، حول ما إذا كان من خارج الكتاب المدرسي أم من داخله، أكد مدير إدارة الامتحانات والاختبارات بالوزارة محمد شحادة في تصريح لـ”الغد” آنذاك، أن المناقشة الأولية لمشرفي الامتحان بينوا أن السؤال الـ3 فرع (أ) الورقة الأولى، جاء من الكتاب المقرر، ويحاكي الأفكار الواردة في الصفحتين 68 و69 من كتاب الطالب، وبالتحديد الأسئلة ذوات الأرقام: 30 و41 و45 و47.
كما وخضع هذا السؤال، للمناقشة مرة أخرى من اللجان المكلفة، بمناقشة أسئلة الرياضيات: الورقتين الأولى والثانية، وقد أقرت بصحة تقرير لجنة المناقشة الأولى، بأن أفكار الامتحان من المنهاج، والأسئلة مطابقة لمعايير الوزارة.
وكشف شحادة في تصريحات إعلامية آنذاك، أن تقرير اللجان بالنسبة للسؤال الثالث فرع (أ)، والذي قيل إنه من الطبعة التجريبية، وجرى حذفه في الطبعة الحالية للكتاب، أن الأفكار التي تلزم لحله، موجودة في كتاب الصف الـ12، وأنه يوجد للسؤال 9، طرق مختلفة للحل.
وأشار شحادة إلى توزيع العلامات في هذا السؤال وفق خطوات الحل، بما يراعي مصلحة أبنائنا الطلبة، مشيرا إلى أن اللجان راعت خلال مناقشتها هذه المصلحة، باعتماد الحلول الممكنة في الحل، وحتى لو وجد سؤال يُفهم بأكثر من طريقة، فقد اعتمدت حلول ممكنة، مبنية على أي من الفهمين، وهذا أمر طبيعي ومعتاد في مباحث الرياضيات، وبعض الحلول كذلك يمكن أن تظهر خلال التصحيح، فتناقش، وإن اعتمدت تعمما على مراكز التصحيح كافة.
وأشار شحادة إلى أخذ عينات عشوائية من دفاتر الطلبة، إذ جرى تصحيح السؤال مثار الجدل، وقال “وجدنا كثيرًا من الطلبة قد أجابوا عنه بطريقة صحيحة”، مبينا أنه لا بد من أن يعتاد الطالب على مهارات التحليل والربط، خصوصًا في مبحث الرياضيات، للخروج عن مفهوم الحفظ الذي اعتاده كثير من طلبتنا، وهذا لا يتحقق إذا عودنا طلبتنا بأن أسئلة الامتحان، مستقاة من أمثلة في الكتاب.
وبشأن امتحان الكيمياء (علمي)، فشهد تعديل الوزارة لسؤال 16 أثناء تأديته، بحسب طلبة أكدوا ذلك، ما أربكهم، إلى جانب ارتفاع شكواهم من صعوبة أسئلة المبحث وضيق الوقت.
وفي هذا السياق، قال وزير التربية الأسبق د. فايز السعودي، إن المتابع للامتحانات منذ فترة طويلة، يلمس بأن الوزارة لا تستطيع توفير المعايير في الامتحان، كون من يعد الأسئلة هم مشرفو المباحث وليس المعلمون.
وبين السعودي، أن المعايير التي يجب أن يحققها الامتحان، تتمثل بـ: تغطية المادة الدراسية بأكملها، ومراعاته للفروقات الفردية بين الطلبة، وامتلاكه معاملات الصعوبة والتميز، وتقييم قدرات الطلبة التحصيلية بعدالة.
وأضاف أن الوزارة لغاية الآن، تعتمد على المشرفين التربويين في اعداد اسئلة الامتحانات، مع أنهم لا يتمكنون من بناء امتحانات تراعي معاملات الصعوبة والتميز والمصداقية والثبات، فالمشرفون لا يدرّسون المواد، وليست لديهم معرفة بالظروف التدريسية والبيئة التعليمية التي يجب مراعاتها عند وضع الامتحان.
وأكد السعودي أن معالجة ذلك، تتمثل في بنك الأسئلة، إذ يعمل معلمو المباحث على تزويد هذا البنك بالفقرات الامتحانية، والتي يجري تجريبها على طلبة، للتأكد من امتلاكها معاملات التميز والصعوبة والثبات والموضوعية، ومراعاتها للفروقات الفردية والمدة الزمنية، لتكون مناسبة وملائمة لمستوى الطلبة.
بدوره، اكد مدير ادارة الامتحانات والاختبارات بالوزارة سابقا علي حماد، أن الامتحان يعقد بطريقة منظمة ومدروسة، كونه يمس شريحة واسعة من أبناء الوطن، فهو بدوراته كافة، يخضع لمعايير ثابتة وراسخة، تنضوي تحت جدول مواصفات، وضعه مختصون تربويون لكل مبحث دراسي على حدة.
وبين حماد، أن الوزارة أعدت الأسئلة وفق جدول مواصفات مدروس بعناية، وجاءت متوازنة وشاملة للنتاجات التعلمية المطلوبة كافة في كل مبحث، وراعت الفروقات الفردية بين الطلبة، وخصص لها الوقت المناسب.
وأشار إلى أن ملاحظات الطلبة خصوصا من الفرع العلمي في امتحانات الكيمياء والرياضيات والأحياء، عادة ما تخلق طبيعة أسئلتها ردود فعل متباينة، فضلا عن انها مباحث مطورة، جرى البدء بتدريسها منذ العام الدراسي الماضي.
وأوضح أن واضعي الأسئلة قدموا أسئلة تحاكي الكتب المطورة التي تعتمد على الفهم والتحليل والاستنتاج، لا الحفظ، لكن معلمين ما يزالون يدرسون هذه المباحث بأساليب وإستراتيجيات تدريس، تعتمد على الحفظ والتلقين، لذلك سمعنا ملاحظات من طلبة، تفيد بأن الامتحان صعب لا يراعي الفروقات الفردية.
وبين حماد، أن تباين وجهات النظر عقب كل امتحان طبيعي، لكنه في نهاية المطاف لا يدل على صعوبة الامتحان من عدمه، فالمؤشر الحقيفي يكمن في نتيجة الطالب بهذا المبحث ونسب النجاح في كل مبحث.
ودعا الوزارة لأن تتخلص من مجموعة المصطلحات التي ترافق امتحان “التوجيهي” في كل دورة امتحانية على غرار “لم تراع الفروقات الفردية ” و”صعبة” و”عدم كفاية الوقت”، ووجود أخطاء علمية، يكمن في بنك الأسئلة التي ستعتمده الوزارة بالتطوير القادم لنظام الثانوية العامة.
وأشار حماد، إلى أن فقرات بنك الأسئلة، تكون مجربة ومدققة ومصاغة وفقا للشروط العلمية والتربوية؛ وتقيس المستويات المعرفية لكل نتاج (معرفة، فهم، تطبيق، قدرات عقلية عليا).
وشاركهم الرأي الخبير التربوي د. محمود المساد، قائلا إنه “بعد انتهاء تقديم الطلبة للامتحان التوجيهي، يفترض بالجميع (وزارة، خبراء، مهتمين)، الوقوف والتأمل بروية والتدقيق بما جرى، بخاصة التدقيق في مدى التزام القائمين على الامتحان عموما، وعبر المواد الدراسية المختلفة، وبمعايير الامتحان الجيد، وجداول المواصفات لكل مبحث دراسي، استناداً على الشروط والمبادئ العامة التي تحكم الامتحان مثل: النسب التي تتوزع على مستوى صعوبة/ سهولة الأسئلة، ونسب توزيعها على المهارات المتدرجة وفق تصنيف “بلوم”، بالإضافة إلى مجالات محتوى التعلم: المعرفية والمهارات والقيم، وتحديد أوزانها المنهجية، فضلا عن إجراءات الدقة والسرية ومناسبة الوقت، بعد وضع الإجابات النموذجيّة، والتقييم التربوي والاجتماعي لمحتوى الأسئلة كافة.
وبين المساد، أن أيام الامتحان رافقها فيض من القلق والتذمر والإشاعات التي أربكت الطلبة وذويهم، ولم تكن الوزارة وغرف عملياتها، موفقة بتخفيف حدة ذلك.
وأشار إلى أن المتابع لما جرى في الامتحان، يرى بأن الأسئلة لم تلتزم بجداول مواصفاتها أبدا، فقد تباينت ردود فعل الطلبة عليها، إذ قال الطلبة إن بعض أسئلة المباحث سهلة كالتربية الإسلامية، ووصفوا معظم الأسئلة الأخرى بالصعبة، كما قال خبراء إن الأسئلة جميعها فوق المتوسط كاللغة العربية، كما جاءت نسب الأسئلة الصعبة المميزة، أكثر من النسب المحددة في أغلب المباحث.
وأضاف، إن الأنباء المتداولة حول تسريب أسئلة من الامتحان، رافقت بعض المباحث، وأن هناك إخفاقا في محاصرتها، بما يقنع الجميع بعكس ذلك، إلى جانب ضعف الإجراءات التي تحد من توظيف بعض الطلبة للتكنولوجيا في تصويرهم أو تسريبهم للأسئلة خارج القاعات، بحسب المساد.
واعتبر المساد بأن تكرار هذه الممارسات بوضع الأسئلة والإشراف عليها سنويا، يعني بأن الوزارة لم تستفد من تجاربها، ولم تطور أساليبها، معربا عن أمله بأن تجري الوزارة دراسة علمية لهذا الحدث المهم من كل جوانبه، وتخلص لنتائج وقرارات تناقشها في مؤتمر عام.

Related posts

الدفاع المدني يتعامل مع حريق في مستودع شرقي عمان

الأردن يدين اعتداءات المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين

الملك يغادر في زيارة خاصة تتخللها زيارة عمل للولايات المتحدة