عمان- فيما يعقد جلالة الملك عبدالله الثاني لقاء مع مجموعة من حكام الولايات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي خلال المؤتمر الصيفي للجمعية الوطنية لحكام الولايات الأميركية، لبحث التطورات في المنطقة، وخاصة الحرب على غزة وضرورة وقف إطلاق النار، يؤكد مراقبون أن هذه اللقاءات تجسد التوظيف النوعي والعميق للدبلوماسية الأردنية الناجحة التي يقودها جلالته، وشبكة العلاقات الدولية المميزة التي يمتلكها، ووضعهما في خدمة الأجندات والأولويات والقضايا الأردنية والعربية على الصعد كافة.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، يرى هولاء المراقبون، أن هذه اللقاءات ستبحث أيضا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الأردن وهذه الولايات، بما يمثل فرصة ثمينة لفتح آفاق واسعة أمام الاقتصاد الأردني، وتمكينه من عرض الفرص والمزايا التي تحظى بها البيئة الاستثمارية، والترويج للصناعات والمنتجات والنماذج والتجارب الاقتصادية والتكنولوجية الأردنية الناجحة، مقابل الاستفادة من تجربة هذه الولايات في شتى المجالات.
وفي هذا الصدد، يرى النائب السابق الدكتور هايل الودعان الدعجة، أن هذا المؤتمر الذي يجمع جلالته بحكام الولايات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين يحظون بتأثير قوي ومؤثر في صناعة القرار الأميركي، يمثل فرصة لوضع هؤلاء الحكام بصورة التحديات والقضايا التي تشغل المنطقة، خاصة القضية الفلسطينية وما يجري في غزة من مجازر وإبادة جماعية يرتكبها الكيان الصهيوني المسخ بحق المدنيين الفلسطينيين وتدمير المرافق المدنية على مرأى من دول العالم.
وتابع الدعجة: “في مثل هذه اللقاءات، يؤكد جلالته ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة وحماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والإغاثية، والرفض القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين الذي يمثل خطا أحمر، انتصارا للجانب الفلسطيني، وتأكيدا لحقوقه المشروعة، اتساقا مع مسؤوليات الأردن والتزاماته الدينية والقومية والتاريخية تجاه هذا الملف.
وأضاف أن الأردن يواصل ممارسة دوره وجهوده على الساحة العالمية، ليس على صعيد علاقاته الثنائية وخدمة قضاياه المحلية فحسب، بل أيضا على صعيد خدمة القضايا والملفات العربية والإسلامية والإقليمية ونصرتها، خاصة القضية الفلسطينية، انطلاقا من دور الأردن المحوري وجهوده الحثيثة في التعاطي مع هذه الملفات وتشخيصها ووضعها في إطار أولويات واهتمامات دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة.
وتابع: “على صعيد العلاقات الثنائية، فإن هذا اللقاء سيبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الأردن وهذه الولايات، بما يمثل فرصة ثمينة لفتح آفاق واسعة أمام الاقتصاد الأردني وتمكينه من عرض الفرص والمزايا التي تحظى بها البيئة الاستثمارية، والترويج للصناعات والمنتجات والنماذج والتجارب الاقتصادية والتكنولوجية الأردنية الناجحة، مقابل الاستفادة من تجربة هذه الولايات في شتى المجالات، وبصورة من شأنها تعزيز العلاقات الأردنية الأميركية والارتقاء بها إلى مستوى متميز ومتطور.”
وقال إن من شأن ذلك أن يفضي إلى بناء شراكات اقتصادية وإقامة علاقات إستراتيجية ترفد مسيرتنا التنموية بالنجاحات والإنجازات، من خلال إيجاد فرص عمل وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات، لمواجهة التحدي الأبرز الذي يواجه بلدنا ممثلا بالتحدي الاقتصادي.
بدوره، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، أن لقاءات جلالة الملك في هذا المؤتمر، تحمل مضامين مهمة تؤكد رسائل ثابتة تجسد الموقف الأردني الراسخ في الدفاع عن القضية الفلسطينية وضرورة وقف الحرب على غزة، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الأردن وحكام الولايات المشاركين في المؤتمر.
وأكد الحجاحجة، أن جلالته منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على قطاع غزة، حمل راية الحق في توضيح الصورة الحقيقية لما يجري من دمار ومجازر، الأمر الذي أسهم في إيضاح الحقائق للرأي العام الدولي بعد أن كان منساقاً وراء روايات الاحتلال المزيفة، مشيرا إلى أن لقاءات جلالته المرتقبة مع حكام الولايات المتحدة في مؤتمرهم الصيفي، تحمل مضامين واضحة هدفها الدفاع عن الفلسطينيين والسعي نحو استقرار وأمن المنطقة ما يستوجب من مراكز القرار الدولي الإنصات لصوت العقل والمنطق الذي يجسده جلالة الملك.
وأشار إلى أهمية هذه اللقاءات أيضا للحفاظ على زخم العلاقات الاقتصادية مع هذه الولايات، مضيفا: “من الأهمية بمكان بالنسبة للأردن التواصل مع جميع حكام الولايات الأميركية، للإبقاء على زخم العلاقات الإستراتيجية التي تربط الأردن بهذه الدولة بمختلف مؤسساتها، وشرح وجهة النظر الأردنية حيال مختلف القضايا”.
بدوره، يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، إنه سبق أن عبر حكام ولايات أميركية وقيادات في الكونغرس عن رأي يتمثل في أنه على الرغم من أن الجمهوريين والديمقراطيين قلما اتفقوا على موقف موحد تجاه موضوع محدد، لكنهم دائما يجمعون على أهمية دعم الأردن وتقدير دوره بقيادة جلالة الملك، بوصف الأردن عنواناً للوسطية والاعتدال، وصوتا للحكمة والسلام.
وتابع الغزو: “يركز جلالة الملك خلال لقاءاته مع الإدارة الأميركية وحكام الولايات ولجان الكونغرس على أهمية تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، وضرورة دعم الأردن اقتصاديا بما يمكّن المملكة من التعامل مع التحديات التي تواجهها بسبب الأوضاع الإقليمية الراهنة، وما يحمله الأردن من أعباء جراء الأزمات التي تشهدها المنطقة، كما تتصدر القضية الفلسطينية دوماً أجندة جلالة الملك في لقاءاته تلك، باعتبارها القضية المركزية في المنطقة، وأن لا سلام واستقرار دون حل عادل ودائم لها.
وأضاف: “تأتي لقاءات الملك المرتقبة مع حكام الولايات الأميركية أيضا في إطار الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي يبذلها الأردن على كافة الصعد، الإقليمية والدولية، لوقف الحرب على غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني”.
وأكد أهمية هذه اللقاءات التي تعد مؤشرا إيجابيا لمناقشة وحل جميع القضايا العالقة، وفرصة كبيرة ليقدم جلالة الملك رؤاه السياسية والاقتصادية فيما يصب بمصلحة الوطن، مبينا أن مجتمع الأعمال الأردني يتطلع بكل تفاؤل إلى نتائج اللقاءات الملكية مع حكام الولايات الأميركية، وما ستتم مناقشته خلالها لكي نبلغ مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية التي تصب في مصلحة الطرفين.
ولفت إلى أن العلاقات الإستراتيجية بين البلدين شهدت تطورا على مدى السنوات الماضية، وتساهم هذه اللقاءات في فتح آفاق أوسع للتجارة والاستثمار بين الأردن وتلك الولايات الأميركية، وهو ما يحتاج إليه الاقتصاد الأردني ليتمكن من النمو والتعافي، خاصة في ظل الظروف الإقليمية التي تمر بها المنطقة.