العناوين الفرعية
حراك أمريكي على طريق تصنيف «الإخوان» جماعة إرهابية، يقوده أعضاء في «الكونغرس»، ويلقى تأييدًا يومًا تلو الآخر.
آخر تلك التحركات، مشروع القانون الذي يقدمه رسميا السيناتور تيد كروز الجمهوري من تكساس، لإعلان جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية»، كجزء من حملةٍ قادها على مدى عقدٍ من الزمن لتصنيف الجماعة منظمةً إرهابية.
وفي تصريحات لوسائل إعلام أمريكية، قال كروز إن حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة بالفعل كمنظمة إرهابية، هي جزء من جماعة الإخوان المسلمين، وفقا لميثاقها.
تفاصيل مشروع القانون
إلا أن الجديد في مشروع القانون هو أنه يعتمد استراتيجية جديدة «من الأسفل إلى الأعلى» لتحديد فروع جماعة الإخوان المسلمين التي تشارك صراحة في الإرهاب قبل تصنيف المنظمة بأكملها.
ويهدف هذا النهج إلى التغلب على المعارضة الديمقراطية وتجنب الانتقادات المحتملة لمقاضاة فروع الجماعة التي لم تشارك بشكل مباشر في أعمال العنف.
وانضم إلى كروز في تأييد المشروع، عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، منهم توم كوتون، وجون بوزمان، وريك سكوت، وآشلي مودي، وديف ماكورميك. كما قدم النائبان ماريو دياز-بالارت وجاريد موسكوفيتز مشروع قانون مصاحبًا في مجلس النواب، مما يعزز الجهود الرامية إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
وأكد كروز أن جماعة الإخوان المسلمين لا تزال ملتزمة بالإطاحة بالحكومات الأمريكية وغيرها من الحكومات غير الإسلامية وتدميرها، ما يعني أنها تشكل تهديدا خطيرا لمصالح الأمن القومي الأمريكي.
وينص مشروع القانون على أن «حماس فرع من جماعة الإخوان المسلمين، وفقًا لميثاقها، الذي يصف حماس بأنها أحد أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين».
كما ينص -أيضا- على أن «جماعة الإخوان المسلمين تعمل كمنظمة عالمية، وتقدم الدعم المادي لفروعها في البلدان والمناطق من خلال تقديم الدعم السياسي والموارد المالية والتدريب والخدمات والمشورة المتخصصة والمساعدة في مجال الاتصالات».
وبالتزامن مع خطوة كروز، قدم النائبان ماريو دياز بالارت (جمهوري من فلوريدا) وجاريد موسكوفيتز (ديمقراطي من فلوريدا) مشروع قانون مصاحب في مجلس النواب يوم الأربعاء، مما أعطى زخما إضافيا للجهود الرامية إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
تحركات متزامنة
وكانت النائبة الأمريكية، نانسي ميس، أعلنت قبل أيام عن تقديم مشروع قانون يصنّف جماعة الإخوان منظمة إرهابية أجنبية داخل البلاد.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن بيان صحفي صادر عن مكتب ميس، أن قانون “الإخوان منظمة إرهابية” سيفعّل أدوات الأمن القومي الأساسية، والتي ستشمل: العقوبات المالية، وتجميد الأصول، وحظر السفر، وتطبيق القانون المُستهدف، وتفكيك عمليات الجماعة داخل الولايات المتحدة وحول العالم.
فيما صرّح السيناتور الأمريكي الجمهوري، تيد كروز، بأنه سيعيد طرح “نسخة محدّثة من قانون تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية” في مجلس الشيوخ، معتبرًا أن الجماعة استغلّت إدارة الرئيس السابق جو بايدن “لتعزيز نفوذها وتعميقه”.
كما دعا النائب الديمقراطي، جاريد موسكوفيتز، الرئيس دونالد ترامب إلى فتح تحقيق شامل لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية.
موقف البيت الأبيض
توقعت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، دعمًا من إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وفي إجابة لها عن تساؤل بشأن المناقشات في مجلسي النواب والشيوخ عن تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية باعتبارها أساس التطرف الذي خرجت منه جماعات مثل حماس وغيرها من الجماعات المحلية، توقعت دعمًا من الإدارة الأمريكية.
وأوضحت، لا أريد استباق تصنيفات مجلس الأمن القومي، لكنه يبدو وكأنه أمر ستدعمه هذه الإدارة (..) لكنني لا أملك إجابة حاسمة.
هل تثمر تلك التطورات حظرا؟
تحرّكات رأى عدد من الخبراء والسياسيين الأمريكيين وخبراء أمن دوليين، في أحاديث منفصلة لـ”العين الإخبارية”، أنها ستضع تنظيم الإخوان وأنشطته وتحركاته تحت المجهر.
وقال المحلل السياسي الأمريكي، مايكل مورغان، في حديث سابق لـ”العين الإخبارية” إن تصنيف جماعة “الإخوان” كتنظيم إرهابي، “خطوة محورية نحو وقف تدفّق التمويل إليها، والحدّ من قدرتها على التغلغل والنشاط داخل أمريكا وخارجها”.
ونبّه إلى أن المشرعين في الكونغرس يسعون لتمرير قانون حظر الجماعة، لأنهم يدركون خطورة محاولات الإخوان للتغلغل والانتشار في عصب الدولة، وفي دوائر صنع القرار لتنفيذ أجنداتها.
وأوضح أن الهدف من تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية لا يقتصر فقط على تجريم نشاطها، بل يتمثّل أيضًا في تجفيف منابع الدعم والتمويل التي تعتمد عليها هذه الجماعة، ويشمل ذلك حظر أي نوع من المساعدات المادية التي تصل إليهم تحت غطاء الإغاثة الإنسانية.
تقييد متوقّع
لكن الدكتور نعمان عيسى، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، والباحث في العلاقات الدولية، قال في حديث لـ”العين الإخبارية” إن تصاعد دعوات حظر الإخوان يسلّط الضوء مجددًا على خطر الجماعة، حيث من المتوقّع أن يكون هناك، في وقت لاحق، تقييد لتوسّعها، وتقييد جمع الأموال عن طريق التبرعات.
عضو الحزب الديمقراطي، لفت أيضًا إلى أن “حضور الإخوان على شكل تنظيم أمر غير ملحوظ في الجالية المسلمة بالولايات المتحدة، أو على نطاق رسمي أو قانوني، لكن عناصره تسيطر بشكل كبير على مراكز إسلامية ومؤسسات مدنية”.
وأشار عيسى في الوقت ذاته إلى أن “الإسلام السياسي بدأ يشكّل قوة كبيرة في السنوات الأخيرة، وأصبح يهدّد مصالح أمريكا وحلفاءها”، مضيفًا: “الجماعة تشكّل خطرًا على المجتمع الأمريكي ودول العالم، وهناك تحرّكات داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ لإيقاف الدعم للجماعة من الداخل الأمريكي”.
وفي تعقيبه على جدوى تحرّكات عدد من المشرّعين لحظر الإخوان، أكّد الدكتور مجاهد الصميدعي، خبير الأمن الدولي، والباحث في “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات” ومقرّه ألمانيا، في حديث خاص لـ”العين الإخبارية”، أن تمرير قانون حظر الجماعة بشكل كامل يحتاج توافقًا أوسع وإثباتات تربط الجماعة مباشرة بعمليات إرهابية ضد مصالح أمريكية، وهو أمر لم يُحسم بعد.
وزاد: “فيما سيظل القرار النهائي بيد وزارة الخارجية الأمريكية، فإن تحرّكات الكونغرس تضع جماعة الإخوان تحت المجهر مجددًا”.
وحول حجم انتشار الإخوان في الداخل الأمريكي، قال الباحث الأمني الدولي: “هناك مظاهر تثير مخاوف من تغلغل إخواني في جمعيات ومنظمات مدنية ودعوية”.
ومضى قائلًا إن “لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية تبعات وخيمة على التنظيم”، موضحًا: “قد يؤدي الحظر إلى إغلاق جمعيات ومراكز إسلامية متهمة بصلات غير مباشرة بالجماعة، وسيفتح الباب لملاحقات قانونية وتجميد أصول وقيود على الإقامة أو التأشيرات”.