الرئيسية رئيسيعموتة يعود بكلام متناقض… ومصداقيّة مفقودة تكشف حقيقة الرحيل عن النشامى

عموتة يعود بكلام متناقض… ومصداقيّة مفقودة تكشف حقيقة الرحيل عن النشامى

من mk
A+A-
Reset

خاص – محرر خبر جديد – في ظهور متأخر يفتقد للدقة والتماسك، خرج الحسين عموتة ليبرّر رحيله عن منتخب الأردن بتصريحات تشي أكثر مما تُفصح، وتثير أسئلة لا تقلّ أهمية عن تلك التي حاول المدرب الإجابة عنها. فبعد إنجاز تاريخي تمثّل في بلوغ نهائي كأس آسيا للمرة الأولى، يختار عموتة اليوم—وبعد مرور عام ونصف—أن يحمّل اتحاد الكرة والإعلام مسؤولية مغادرته، متحدثاً عن “غياب الاحترافية” و”عدم الارتياح”، دون أن يقدم موقفاً واحداً يعزز روايته أو يدعم ما قاله.

ما قاله المدرب يبدو أقرب إلى إعادة صياغة الماضي بما يخدم صورته الحالية، منه إلى كشف الحقيقة. فمن غير المنطقي أن يعمل مدربٌ “غير مرتاح” ويحقق أعظم إنجاز في تاريخ المنتخب، ثم لا يصرّح بشيء إلا بعد مغادرته بوقت طويل. بل إن الأكثر غرابة اعترافه بأن قرار الرحيل كان متخذًا قبل البطولة، وهو ما يطرح سؤالاً أخلاقياً: كيف يدخل مدرب بطولة قارية بهذا الحجم فيما قراره بالاستقالة جاهز مسبقاً مهما كانت النتائج؟ وإذا صحّ ذلك، فهو اعتراف بغياب الالتزام لا بغياب الاحترافية لدى الآخرين.

توقيت تصريحات عموتة يُضعفها أكثر مما يقوّيها؛ فالكلام الذي لا يُقال في حينه يفقد قيمته، والكلام الذي يُعمّم ولا يُحدّد يتحوّل إلى انطباعات شخصية لا يمكن البناء عليها. وعندما يختار المدرب الحديث عن “بعض المسؤولين والإعلاميين” دون تسمية أو أمثلة، فإنه يفتح باب الغموض بينما يدّعي أنه يكشف الحقيقة. الحقيقة لا تُقال بنصف جملة ولا بتلميح عائم، بل بوضوح وشجاعة، وهما ما غابا تماماً عن خطابه الأخير.

أما إقحام عامل الأسرة كسبب إضافي، فيبدو محاولة لتخفيف حدة الاتهامات أو تغطية التناقضات. فالمدرب يعرف ظروف العمل قبل توقيع العقد، ويعلم أن البعد عن العائلة جزء من طبيعة المهنة. فما علاقة ذلك بما يصفه بغياب الاحترافية؟ الجمع بين الأسباب الشخصية والمهنية في سطر واحد لا يصنع رواية مقنعة، بل يزيد الرواية هشاشة.

الجماهير الأردنية التي دعمت عموتة ووقفت خلفه تستحق احتراماً أكبر من كلمات عامة تُطلق على الهواء. لقد منحت الرجل ثقة كاملة، ورأت فيه مشروعاً لقيادة المنتخب نحو حلم المونديال. هذه الجماهير لم تحصل حتى الآن على تفسير واقعي لرحيله، بل اكتفت بتصريحات متأخرة تحاول إعادة سرد الأحداث بما يبرر انسحابه لا أكثر.

الحقيقة الواضحة أن المنتخب قدّم أفضل نسخة في تاريخه، وأن البيئة التي عمل فيها عموتة—برغم ملاحظاتها—لم تكن عائقاً أمام الإنجاز. أما القول إن المشكلة كانت “غياب الاحترافية” من دون دليل، فذلك يفتح باب الشك بأن المدرب يحاول فقط ترك صورة مثالية عن نفسه، ولو على حساب الآخرين.

وفي النهاية، فإن ما قاله عموتة لا يكشف حقيقة رحيله، بل يكشف أزمة أكبر: أزمة خطاب غير متماسك، يتعارض مع الإنجاز الذي تحقق على أرض الواقع، ويُفقد تصريحاته وزنها. فالحقيقة لا تُستعاد بعد سنة ونصف عبر اتهامات مبهمة، ولا تُكتب بأثر رجعي. الحقيقة تُقال في وقتها، وبوضوح، وبشجاعة لا تحتاج إلى تلميحات.

شاهد ايضا

Focus Mode