لم تكن رصاصة الرحمة التي أطلقها حسام حسن على معنويات لاعبيه، في الملعب أو في غرف الملابس المغلقة، بل كانت أمام عدسات الكاميرات، حينما أطلق تصريحه الصادم بأن مصر لا تمتلك سوى “محترفَين وربع”، هذه الجملة لم تكن مجرد زلة لسان، بل كانت خطأً لا يغتفر يكشف عن خلل عميق في إدارة العامل النفسي للفريق، ويهدد بنسف أقوى أسلحة المنتخب.
بهذه الكلمات القليلة، ارتكب “العميد” مذبحة نفسية مزدوجة؛ فهو من ناحية سحق كبرياء اللاعب المحلي الذي يشكل القوام الأكبر للمنتخب، ومن ناحية أخرى وجه إهانة مباشرة وقاسية لمحترفيه الذين استثناهم من العدد، وفي مقدمتهم مهاجمه الأساسي مصطفى محمد، نجم نانت الفرنسي، الذي وجد نفسه خارج حسابات الاحتراف الحقيقي في نظر مدربه.
بعد تصريحاته النارية.. أول رد فعل من اتحاد الكرة ضد حسام حسن
إهانة البلدوزر الجديد.. تدمير السلاح الرئيس
عندما يسمع مصطفى محمد، هداف نانت الفرنسي والمهاجم الذي تعقد عليه الجماهير الآمال، أن مدربه لا يراه محترفاً مكتملاً، فكيف يُنتظر منه أن يقاتل في الملعب؟
في حقبة 2006 و2008 و2010، كان حسن شحاتة يدرك أن عمرو زكي (مهاجمه الأساسي) يحتاج للشعور بأنه الأفضل في العالم ليقدم أفضل ما لديه. كان المعلم يضخ الثقة في البلدوزر القديم حتى وهو يلعب في الدوري المحلي، ليتحول أمام كوت ديفوار والكاميرون إلى وحش كاسر.
على النقيض تماماً، يمارس حسام حسن سياسة التقزيم مع مصطفى محمد. بدلاً من البناء على نجاحاته في فرنسا واحتوائه ليكون خليفة للجيل الذهبي، يتم تجريده من رتبته الاحترافية علناً. هذا الخطأ لا يكسر شوكة اللاعب فحسب، بل يجعله يلعب تحت ضغط إثبات الذات للمدرب بدلاً من اللعب من أجل الفريق، وهو ما يفقد المنتخب أهم ميزاته الهجومية.
الكفاءة ليست بالجنسية.. ميكالي يصدم حسام حسن ببيان ناري
قراءة مغلوطة لتاريخ 2010.. المحلي ليس قليلاً
المفارقة العجيبة أن حسام حسن دائم الاستشهاد بجيل 2006-2010 لتعزيز فكرة الروح القتالية، لكن تصريح محترفين وربع ينسف أساس نجاح تلك الحقبة.
في ذلك العصر الذهبي، لم يكن الجهاز الفني يتعامل مع اللاعب المحلي على أنه درجة ثانية أو تكملة عدد لغياب المحترفين. بالعكس، كان محمد أبو تريكة ووائل جمعة ومحمد شوقي يدخلون الملعب وهم مؤمنون بأنهم يتفوقون فنياً وتكتيكياً على دروغبا وصامويل إيتو.. شحاتة لم يقل يوماً ليس لدينا محترفون، بل صنع من المحليين محترفين بعقلية دولية.
أما حسام حسن، بتصريحه هذا، فقد أرسل رسالة للاعب المحلي مفادها: أنتم هنا لأننا لا نملك غيركم، والمنتخب فقير فنياً. هذه الرسالة تقتل الطموح وتزرع الهزيمة النفسية قبل صافرة البداية.. كيف تطلب من لاعب محلي أن يواجه نجوم السنغال والمغرب وأنت أخبرته مسبقاً أن فريقك كله لا يساوي 3 محترفين؟
محترفان وربع.. غضب عارم بعد “إهانة” حسام حسن لمهاجم منتخب مصر
الانهيار النفسي.. النتيجة الحتمية
إن كرة القدم الحديثة لم تعد تدار بالصوت العالي أو التشكيك لتحفيز الهمم. ما فعله حسام حسن هو تحطيم الهيبة لمنتخب مصر أمام منافسيه وأمام لاعبيه أنفسهم.
خطأ حسام حسن الذي لا يغتفر هو أنه نسي القاعدة الأولى في القيادة، امدح علناً، وانتقد سراً، بتصريح المحترفَين وربع، وإخراج مصطفى محمد وغيره من دائرة الكبار، وبالتقليل الضمني من جودة اللاعب المحلي مقارنة بمنتخبات القارة، يكون العميد قد جرد جيشه من سلاحه، ودخل المعركة بلاعبين مهزومين نفسياً، يبحثون عن تقدير مدربهم أكثر من بحثهم عن الفوز. وإذا استمرت هذه الفجوة، فإن إنجازات 2010 ستظل ماضياً بعيداً لن يتكرر.