الرئيسية مقالاتتصريح صاحب دولة ام دولة التصريحات!

تصريح صاحب دولة ام دولة التصريحات!

من mk
A+A-
Reset

بقلم : الدكتور نضال المجالي

في دولةٍ كالاردن لا ينقصها التاريخ ولا الجغرافيا ولا حتى الطقس، يظهر بين الحين والآخر مسؤولٌ يتفنن في إطلاق التصريحات وكأنها ألعاب نارية في مهرجان شعبي، تلمع لحظة، ثم تترك وراءها دخاناً وحيرة.

الغريب أن هذه التصريحات لا تكون في قضايا هامشية أو صغيرة، بل غالباً ما تُلقى في قلب الدولة، تمس صورتها وكرامتها، كأنها “نكتة سمجة” على مائدة جدية. فالمسؤول هنا يظن أنه يتحدث من مقهى صغير في حارة ضيقة، بينما الحقيقة أن كلماته تتسرب عبر الميكروفونات والشاشات لتتحول إلى عنوان عريض في عواصم العالم كما هي محلياً.

تصريحات البعض تُذكرك بالمثل الشعبي: “حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس”، لكنها هنا تتحول إلى “حط راس الدولة بين التصريحات وقول يا قطاع الهيبة”. وكأن هيبة الدولة أصبحت مادة تجريبية لخطابات مرتجلة!

الأدهى أن بعض المسؤولين يظن أن “التصريح المثير” يعكس شجاعة، بينما هو في الحقيقة يشبه لاعب سيرك يظن أن قفزته المتهورة ستصفق لها الجماهير، لكنه يكتشف متأخراً أن القفزة كانت بلا شبكة أمان… وأن الجمهور صامت مذهول!

في النهاية، الدولة ليست ملعباً للتصريحات ولا حائطاً للتجارب الصوتية. الكلمات التي تخرج من أفواه المسؤولين ليست مجرد هواء، بل هي رسائل تُقرأ بعيون الداخل والخارج. وإذا تحولت التصريحات إلى مزايدات كما نتابعها، فالنتيجة أن المواطن هو أول من يدفع ثمن هذا “الكوميدو ـ سياسي” المجاني.

لذلك، ربما آن الأوان أن نُفكر بمحاسبة مطلق كل تصريح مسيء حسب القانون ودون تهاون مهما كان منصبه يوما، فليس كل تصريح يصلح للعرض العام، فاغلبها تستحق ان تترك في خزانة ملابس المسؤول القديم او في درج المسؤول الجديد إلى أن يبرد مثل الشاي المنسي؟

شاهد ايضا

Focus Mode