الرئيسية مقالاتالمحاميد  يكتب .. الأردن… حصن الوحدة في وجه الصلف الصهيوني

المحاميد  يكتب .. الأردن… حصن الوحدة في وجه الصلف الصهيوني

من mk
A+A-
Reset

بقلم : د. حاكم المحاميد
الأردن، وطن وحكاية عتيقة، ليس ساحة مفتوحة لأكاذيب العدو ولا مرتعاً للشعارات المسمومة التي يطلقها نتنياهو ومن يسير في ركبه.
في هذا الوطن الصغير مساحة، الكبير مقاماً، تتشابك الأيدي كما تتشابك الجذور في أرض لا تعرف الانكسار. فالمجتمع الأردني بقبائله وعشائره ومدنه وريفه وبواديه، يشكل نسيجاً إجتماعياً متماسكاً لا تنفذ إليه محاولات الإختراق، لأنه مشدود بخيوط الولاء والانتماء، ومحروس بالوعي المتراكم والتجربة الطويلة في مواجهة المؤامرات، والاوهام.
منذ نشأة الدولة الأردنية الحديثة، كانت الروابط الاجتماعية المتينة كالعشيرة وقيمها وصلة الرحم والجيرة وغيرها من القيم التي تنظم وشائج المجتمع خطوط دفاع أولى عن السلم الداخلي. وقاد كبار رجالات الدولة ووجهاء وشيوخ العشائر مبادرات لا تحصى للصلح والإصلاح، ووأد الفتنة قبل أن تكبر، وتثبيت الكلمة الواحدة أمام أي تهديد. هذه المبادرات ليست طقوسًا شكلية، بل هي صمامات أمان تحفظ المجتمع من التشرذم الذي يسعى العدو جاهداً لزرعه في صفوفه، ومحاولة إختراقه من خلال خلق الأكاذيب التوراتية المزيفة.
إلى جانب هذا الدور الشعبي، جاءت المبادرات الملكية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لتربط أطراف النسيج الوطني بخيط واحد من الرؤية الجامعة. مشاريع التنمية، دعم الفئات المحتاجة، رعاية أسر الشهداء والجنود، والمواقف الصلبة في الدفاع عن القدس وفلسطين… كلها رسائل تؤكد أن القيادة مع الشعب في خندق واحد، وأن أي محاولة لشق الصف ستتحطم على هذه الصخرة الصلبة.
يدرك نتنياهو أن الأردن، بموقفه الثابت تجاه القدس ورفضه كل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية، يشكل عقبة كبرى أمام أطماع الاحتلال. لذلك يسعى عبر خطاباته ودعايته إلى بث الشكوك وإثارة النعرات وتشويه صورة الموقف الأردني، ومحاولة الفت من عضد الوحدة الأردنية. لكن هذه الحملات تصطدم دائمًا بوعي الشعب وإيمانه بقيادته، فتتلاشى كما يتلاشى الصدى في فضاء فارغ.
الأردنيون لم ولن ينخدعوا بشعارات من يسرق الأرض ويقتل الأبرياء ويظن أنه قادر على شراء المواقف أو كسر الإرادات. فالتاريخ يشهد أن الأردن كان في الصف الأول دفاعا عن فلسطين، وأن دماء جنوده روت تراب القدس والخليل والكرامة. هذه ليست شعارات للاستهلاك الإعلامي، بل حقائق محفورة في ذاكرة الأمة، يورثها الآباء للأبناء كما يورثون أسماء الشهداء وسير الأبطال، ويحفرونها في جبين الأرض كما هي قبور الشهداء التي يكشف عنها كل يوم في جوار القدس.
إن قوة الأردن تكمن في هذا التلاحم بين الشعب والقيادة، بين حكمة الشيوخ ونخوة الشباب، بين إرث العشيرة ووعي الدولة الحديثة. بين هذا الشريان السري الذي يربط أجهزته الأمنية بوعي مواطنيه، لذلك وغيره سيبقى واقفاً، لا يلين أمام الضغوط ولا يساوم على الثوابت، وسيبقى نموذجاً في أن وحدة الصف أقوى من كل جيوش الكراهية وأعتى حملات التضليل. ومهما علت شعارات العدو، ستبقى الكلمات الحقيقية تقال هنا: نحن معاً… شعباً وقيادة… حتى آخر نفس، وحتى آخر شبر من أرضنا وعروبتنا.
* محافظ سابق

شاهد ايضا

Focus Mode