تستعد الجهات المختصة في مدينة العقبة للعمل على ترشيق أشجار النخيل البالغ عددها نحو 30 ألف نخلة موزعة في مناطق مختلفة في المدينة لا سيما في الوسط التجاري والشوارع الرئيسة، وذلك للحفاظ على ديمومتها وجمالها، ولما لها من قيمة غذائية وتاريخية، وكذلك لما تشكله من إرث منذ قرون عدة.
وحشدت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة كوادرها في قسم الزراعة لبدء “تكليش وتكريب” أكثر من 15 ألف شجرة نخيل في مختلف مناطق مدينة وأحياء العقبة بهدف إدامة نمو الشجرة وإعطاء المدينة المنظر الجمالي الذي عرفه أبناء المنطقة منذ قرون عدة، إضافة إلى أكثر من 13 ألف نخلة في مناطق أخرى خارج المدينة.
والـ”تكليش” يعني تقليم وإزالة السعف اليابس، بينما الـ”تكريب” يعني تهذيب شجرة النخيل من الزوائد.
ويتم تسلق أشجار النخيل المنتشرة في مناطق المدينة كافة، لا سيما الجزر الوسطية، لبدء حملة تقليم تلك الأشجار من قبل مختصين حرصوا على خدمة أشجار النخيل منذ أعوام وإبقائها شامخة تلامس البحر والجبال بسعفها الأخضر.
التقليم مرتان في السنة
وعادة ما يتم تقليم أشجار النخيل مرتين في السنة من قبل هؤلاء المختصين الذين يتسلقون الأشجار ويقومون بـ”تكليش وتكريب” أشجار النخيل، وجمعها للاستفادة منها لاحقا.
حول ذلك، يقول مدير مركز خدمات المدينة في سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة المهندس علاء الرواشدة، إن سلطة العقبة مهتمة بزيادة الرقعة الزراعية والنخيل على وجه الخصوص في مدينة العقبة، لأثرها الكبير في النواحي الجمالية والبيئية وتلطيف المناخ، مضيفا أن شجرة النخيل تعد من الأشجار الرئيسة في تجميل المدينة، حيث عمل قسم الزراعة في سلطة منطقة العقبة الخاصة على زراعة النخيل في مواقع مختلفة بالمدينة لتجميلها.
وأضاف، أن الزراعة تتمثل في شارع التاسعة والجزيرة الوسطية مقابل فندق الإنتركونتيننتال، إلى جانب زراعة مسطحات من الورود والأشتال المناسبة للبيئة والظروف الجوية لمدينة العقبة، منوها في الوقت ذاته، إلى أن خدمة أشجار النخيل المنتشرة في المدينة تتم من خلال كوادر السلطة.
وبين الرواشدة أن هذه الحملة التي تنفذها السلطة مرتين في السنة تهدف إلى التخلص من السعف الجاف والأصفر، خصوصا إذا كان مصابا بالحشرات القشرية، إضافة إلى انتزاع الأشواك من السعف، ما يسهل على النخال الوصول إلى إغريض النخلة أثناء التلقيح أو جمع الثمار، كما يمنع تجريح الثمار عند احتكاكها بالأشواك، إلى جانب السماح لأشعة الشمس أن تصل إلى العذوق، ما يساعد على تحسين نوعية الثمار والإسراع في نضجها، كما يساعد على تقليل الإصابة بالأمراض والاستفادة من مخلفات التقليم من سعف وليف في بعض الصناعات الريفية.
كما أشار إلى أن “تكليش وتكريب” يختلف من منطقة إلى أخرى ويكون مرة في الخريف بعد جمع الثمار مباشرة، وأخرى في أوائل الربيع وقت التلقيح.
النخيل يزين الشوارع ومحيط المنازل
وتعد أشجار النخيل من أهم المحاصيل الزراعية التي تحرص سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والمواطنون والمشاريع السياحية والاستثمارية على زراعتها بمحيط منازلهم بهدف الزينة وللاستفادة من ثمارها في موسم جني الرطب، حيث تزين عددا كبيرا من مناطق مدينة العقبة، لا سيما الجزر الوسطية ومنازل السكان.
وتتميز شجرة النخيل في العقبة بأنها من أكثر الأشجار حماية وفائدة للبيئة، فضلا عن أهميتها الكبيرة في تزيين بعض المناطق، بحسب الرواشدة، الذي أضاف أن سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ومن خلال مفوضية المدينة، تواصل تنفيذ حملات يومية لتقليم الأشجار والشجيرات على جانبي الشوارع الرئيسية والفرعية والجزر الوسطية في مناطق المدينة السياحية كافة بهدف تقليم الأشجار التي تلامس أسلاك الكهرباء أو التي تعيق الحركة المرورية، وحركة المشاة على الأرصفة، أو التي تحجب رؤية بعض الإشارات الضوئية.
وقال الرواشدة إن السلطة أعدت خطة بالتنسيق مع الجهات كافة ذات العلاقة لتقليم الأشجار وبما يسهم في إزالة الأخطار التي قد تنجم عنها خلال فصل الشتاء، إضافة إلى التخلص من السعف الجاف والأصفر وإعطاء المنظر الجمالي للشجرة هوية مدينة العقبة.
قيمة تراثية في العقبة
واحتلت النخلة في العقبة حيزا وافرا من تراث أهل المدينة منذ نشوئها؛ حيث كان الاسم القديم الذي يطلق على العقبة هو “أيلوت” وتعني (شجرة النخيل المقدسة)، ما يؤكد أنها كانت تعج بشجر النخيل وغيره حتى اشتهرت به.
وقد دلت المكتشفات في تل الخليفي في العقبة على وجود النخيل واستعماله على نطاق واسع قبل أكثر من خمسة آلاف عام؛ حيث عثر على ليف النخيل وسعف النخيل وبقايا سلال وآثار حصر من السعف ملونة وحبال مصنوعة من نسيج النخيل يعتقد أنها تدل على استخدامها في صناعة القوارب.
أما تراث العقبة في العصر الحديث، وبالذات منذ القرن التاسع عشر، فقد حفلت مفرداته بالنخيل في جوانب وتجليات المشهد التراثي (العقباوي) كافة، فالنخلة تحظى بمكانة في النفوس قبل أن تكون لها مكانتها على التراب، فهي ملكة الأشجار وسيدة النبات، أحبها أهالي العقبة وأكرموها وتفاخروا وتغزلوا بها، كيف لا وهي طعامهم وأثاثهم وظلهم وأنيسهم وعلامة إقامتهم وسلمهم وحربهم، وفيها نظمت الحكم والأشعار ونسجت الحكايات والأخبار.