أكد البنك الدولي أخيرا أن مشروع “الخدمات البلدية والمرونة الاجتماعية” في الأردن حقق نتائج إيجابية ملموسة على المستويين المحلي والمجتمعي ما جعله واحدا من أبرز المبادرات الحكومية في العقد الأخير في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها أزمة اللجوء السوري.
وأوضح البنك في التقرير الختامي الخاص بالمشروع أنه حقق أهدافه بدرجة عالية، وساهم في تحسين الخدمات البلدية لا سيما في المحافظات المتأثرة بأزمة اللجوء السوري إضافة إلى نجاحه في تقليص الفجوة بين الاحتياجات المتزايدة والموارد المحدودة.
وكشف التقرير أن الحكومة تعكف حاليا على تطوير وثيقة بعنوان “رؤية البلديات” استنادا إلى نتائج وتوصيات التقرير الختامي والتي تهدف إلى التفكير في الدروس المستفادة من المشروع خلال السنوات الماضية وتعميم توجهاته الإصلاحية على البلديات في المرحلة المقبلة إضافة إلى تقريب العمل البلدي من احتياجات المواطنين.
وأفاد التقرير أن مشروع “المرونة الاجتماعية للخدمات البلدية” في الأردن أنفق ما مجموعه 106 ملايين دولار منذ إطلاقه في عام 2013 وحتى وصوله إلى مرحلته النهائية في 22 من تموز (يوليو) الماضي، وقد جرى توجيه هذه المبالغ إلى مكونات متعددة تستهدف تحسين الخدمات البلدية، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في مواجهة الضغوط المتزايدة نتيجة أزمة اللجوء السوري، إلى جانب دعم التنمية المحلية المستدامة.
بداية المشروع وأهدافه
وانطلق المشروع في وقت بالغ الحساسية على البلديات الأردنية في عام 2013، إذ وجدت نفسها تحت ضغط كبير بسبب التدفق غير المسبوق للاجئين السوريين، وما ترتب عليه من ارتفاع حاد في الطلب على الخدمات الأساسية كالمياه، والنفايات، والطرق، والإنارة وجاءت أهداف المشروع لتستجيب لهذه التحديات.
وتمثل الهدف الذي أعلن على أساسه المشروع في تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية داخل البلديات الأكثر تضررا، إضافة إلى توسيع المشاركة المجتمعية وضمان إدماج أصوات المواطنين واللاجئين في القرارات المحلية، إلى جانب تعزيز القدرات المؤسسية للبلديات من خلال التدريب والدعم المالي والتقني، فضلا عن توفير فرص عمل مؤقتة لتقليص حدة البطالة وخاصة بين الشباب والنساء.
يشار إلى أن الأردن استقبل نحو 1.3 مليون لاجئ سوري خلال سنوات الأزمة السورية الـ13 الماضية، قبل سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي، ومنذ سقوط النظام السوري في تاريخ 8 كانون الأول (ديسمبر) وحتى منتصف شهر آب (أغسطس) الماضي، غادر أكثر من 133 ألف لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية.
الإنجازات المحققة
وكشف تقرير البنك الدولي أن المشروع أسهم بشكل مباشر في تحسين جودة الخدمات البلدية لأكثر من مليون مواطن ولاجئ موزعين على أكثر من عشرين بلدية كما وفر المشروع آلاف فرص العمل قصيرة الأمد، التي شكلت متنفسا اقتصاديا للفئات الأكثر هشاشة.
وعلى صعيد بناء القدرات، عزز المشروع إمكانيات البلديات الإدارية والمالية، وأدخل آليات شفافة تتيح للمجتمع المحلي المشاركة في تحديد الأولويات.
هذا النموذج من “الحوكمة التشاركية” اعتبره البنك الدولي تجربة ناجحة يمكن البناء عليها مستقبلًا في قطاعات أخرى.
وقدم التقرير مجموعة من التوصيات التي قدمت إلى وزارة الإدارة المحلية في المملكة التي كانت تتولى تنفيذ المشروع، لضمان استدامة المسار الذي حققه المشروع على امتداد سنوات عمله، ومنها ضمان استمرارية تمويل البلديات للحفاظ على المكاسب المحققة، إضافة إلى توسيع تجربة المشاركة المجتمعية على نطاق أوسع لتصبح جزءًا من عمل جميع البلديات، فضلا عن الاستثمار في الرقمنة والتحول الإلكتروني كوسيلة لتحسين الكفاءة والشفافية، إلى جانب تعزيز دور المرأة والشباب في قيادة وإدارة المشاريع المحلية.