بقلم انس ابو شتيه
في وقت تتأثر فيه حركة السياحة بالظروف الاقتصادية والإقليمية، يبرز مفهوم السياحة الداخلية كخيار وطني قادر على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وبعث روح الانتماء من جديد. مبادرات بسيطة، كتنظيم يوم ترفيهي أو رحلة ميدانية، قد تكون الشرارة التي تُعيد التوازن لهذا القطاع الحيوي وتعرف الأردنيين أكثر بجمال وطنهم وتنوعه.
نال إعجابي موخرا قيام إحدى المؤسسات الحكومية بتنظيم يوم ترفيهي لموظفيها في إحدى محافظات المملكة. فعلى الرغم من أن الهدف الظاهر من هذه المبادرة هو كسر الروتين اليومي وتعزيز روح الانتماء والولاء للمؤسسة بما ينعكس إيجابا على إنتاجية الموظفين، إلا أن أثرها يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يلمس فائدتها أبناء المنطقة وأصحاب المنشآت السياحية والزوار على حد سواء.
ولا يمكن إغفال التحديات التي يواجهها القطاع السياحي في الأردن خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الأحداث الدولية والإقليمية والظروف الاقتصادية، والتي اثرت بشكل واضح على حركة السياحة العربية والأجنبية، وانعكست على العاملين والمنشآت السياحية وسلسلة الخدمات المرتبطة بها.
من هذا المنطلق، يبرز الدور المهم للمؤسسات والوزارات الحكومية، إلى جانب منشآت القطاع الخاص، في تبني نهج داعم لإحياء المناطق التراثية والتاريخية والسياحية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم رحلات سياحية داخلية لموظفيها أو لطلبة المدارس والجامعات، فالأردن يزخر بمواقع طبيعية وأثرية فريدة تستحق الزيارة، ومثل هذه المبادرات تسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية المحلية وتعزيز الوعي بأهمية السياحة الوطنية.
وقد كانت لوزارة السياحة والآثار جهود واضحة في هذا المجال عبر برنامج “أردننا جنة”، الذي أسهم في تشجيع المواطنين على اكتشاف الوجهات السياحية داخل المملكة، ودعم المنشآت المحلية في مختلف المحافظات.
وانطلاقا من هذه التجارب، قد يكون من المفيد التفكير في تخصيص يوم وطني سنوي للسياحة الداخلية، تشارك فيه مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من خلال تنظيم رحلات وفعاليات ميدانية، بما يعزز مفهوم السياحة المجتمعية ويترجم الشراكة الحقيقية في دعم هذا القطاع الحيوي.
وربما حان الوقت لأن نحتفل بجمال بلادنا بطريقتنا الخاصة، من خلال يوم وطني يذكرنا بأن دعم السياحة الداخلية ليس ترفا، بل هو فعل انتماء، واستثمار في الإنسان والمكان، يعيد الحياة إلى مدننا وقرانا، ويجعل من كل رحلة داخل الوطن قصة جديدة من الفخر والانتماء.