العناوين الفرعية
خبر جديد: كان من المفترض أن يكون الإصدار الأحدث من روبوت الدردشة الشهير لشركة أوبن إيه آي، المعروف باسم تشات جي بي تي، ذكياً بمستوى حاملي شهادة الدكتوراه.
وكان يُفترض أن يمثل قفزة كبيرة جديدة للشركة التي ضخ المستثمرون فيها مليارات الدولارات.
وجاءت النتيجة مختلفة تماماً: شخصية أكثر جموداً وإجابات أقل دقة حتى في الأسئلة الأساسية، وأثار هذا الأمر سخرية واسعة من الجمهور، واضطرت الشركة لتقديم اعتذارات متكررة، مع تمسكها بادعاءاتها الكبيرة بشأن قدرات الروبوت.
باختصار.. تشات جي بي تي 5 مخيب للآمال
كان الإخفاق في نموذج تشات جي بي تي 5 لافتاً لسببين رئيسيين، إذ كشف عن العديد من أوجه القصور القائمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي سارع النقاد إلى إبرازها (وبطريقة ساخرة للغاية).
كما أثار شكوكاً جدية بشأن قدرة أوبن إيه آي على بناء وتسويق منتجات استهلاكية يرغب الناس في دفع المال مقابلها، وهو أمر مقلق للمستثمرين، خاصة أن الشركة، التي لم تحقق أرباحاً من قبل، تُقدر قيمتها السوقية بنحو خمسمئة مليار دولار.
إطلاق طال انتظاره
عندما أطلقت أوبن إيه آي تشات جي بي تي بعد عام من الموعد المقرر سابقاً، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
وكما هو معتاد في هذه الصناعة، كان عنصر الضجة الإعلامية حاضراً بقوة، ونجح الرئيس التنفيذي سام ألتمان في ذلك.
في بث مباشر قبل الإطلاق، قال ألتمان إن التحدث مع تشات جي بي تي 5 سيكون مثل التحدث إلى خبير حاصل على دكتوراه في أي مجال تحتاج إليه.
وأضاف بأسلوبه المعتاد أن تشات جي بي تي 5 يذكره بالانتقال من شاشات الآيفون القديمة إلى شاشة الريتينا، وأكد أن النموذج الجديد أفضل بكثير من النماذج السابقة بطرق واضحة ودقيقة، ولا أريد أبداً العودة للخلف.
الصدمة بعد التجربة
لكن بمجرد أن بدأ الناس باستخدامه، ظهرت الصدمة، إذ استمتع المستخدمون باختبار تشات جي بي تي 5 والسخرية من إجاباته الخاطئة بشكل لافت.
على سبيل المثال، طلب الصحفي تيم بورك من تشات جي بي تي 5 أن يعرض رسماً يوضح أول اثني عشر رئيساً للولايات المتحدة مع صورهم وأسمائهم أسفل الصور، فكانت النتيجة صورة لتسعة أشخاص فقط، بأخطاء إملائية طريفة مثل «جيرج واشينجيون» و«ويليام هنري هارتسون».
وعندما طُلب منه عرض آخر اثني عشر رئيساً، عاد بنسختين مختلفتين من جورج بوش الابن، بدلاً من والده، بل إن النسخة الثانية من بوش الابن كانت صورة لشخص عشوائي!
أخطاء جغرافية مضحكة
كان إظهار خريطة صحيحة للولايات المتحدة أيضًا تحدياً لجي بي تي 5، كما أظهر الكاتب التقني إد زيتورن في منشور له.
وعندما جُرب مرة أخرى لرسم خريطة لأميركا، أخفق في وضع اسم ولاية فيرمونت بشكل صحيح، وابتكر ولايات جديدة مثل «ييرجينيا».
في حين أن هذه الأخطاء بدت مسلية للمختصين الذين يحاولون العثور على نقاط ضعف النظام، إلا أن بعض المستخدمين المخلصين لشات جي بي تي لم يجدوا الأمر مضحكاً.
القلق الأكبر جاء من التغييرات في شخصية النموذج، أو بالأحرى غياب الشخصية السابقة التي أحبها كثيرون.
مع إطلاق جي بي تي 5، أوقفت أوبن إيه آي النماذج السابقة، بما في ذلك جي بي تي 4 أو الشهير، ما جعل حتى المستخدمين الراضين عن النسخة القديمة غير قادرين على استخدامها، أكثر من أربعة آلاف شخص وقعوا على عريضة في موقع تشينج دوت أورج لإعادتها.
ردود الفعل السلبية
كتب أحد المستخدمين في ريديت: انتهى الأمر بالنسبة لي مع تشات جي بي تي 5، موضحاً أنه حاول استخدام النموذج الجديد لإدارة نظام بسيط من المهام كان الإصدار السابق يتعامل معه بسهولة، لكن تشات جي بي تي 5 تصرف بعشوائية وحذف مهام وغيّر مواعيد نهائية.
وفي غضون أربع وعشرين ساعة فقط من الإطلاق، بدأ ألتمان في محاولة احتواء الأزمة، معلناً على منصة إكس عن قائمة من التحديثات، بما في ذلك إعادة تشات جي بي تي 4 أو للمشتركين المدفوعين.
وقال: توقعنا بعض العقبات أثناء إطلاق هذا الكم من التغييرات مرة واحدة، لكن الأمر كان أكثر صعوبة مما كنا نأمل.
دروس مستفادة
يشير هذا الإخفاق إلى أن ألتمان ربما لا يملك تصوراً دقيقاً عن كيفية استخدام نحو سبعمئة مليون مستخدم أسبوعياً لخدماته.
وربما فاته الاطلاع على تقارير إعلامية واسعة، من سي إن إن ونيويورك تايمز ووول ستريت جورنال، حول ارتباط الناس عاطفياً بروبوتات الدردشة، وتفاعلهم معها كأشخاص حقيقيين.
بحث بسيط على ريديت كان يمكن أن يكشف له كيف يدمج المستخدمون الأداة في حياتهم اليومية وأعمالهم، وأن التوقف المفاجئ عن الأدوات التي يعتمدون عليها لن يمر بسهولة.
رد أوبن إيه آي على الانتقادات
عندما سُئل المتحدث باسم أوبن إيه آي عن ردود الفعل السلبية تجاه تشات جي بي تي-5، أشار لمراسل CNN إلى التصريحات العلنية لسام ألتمان على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أعلن فيها عن عودة النماذج الأقدم، بالإضافة إلى تدوينة على المدونة الرسمية للشركة تشرح كيف تعمل الشركة على تحسين تشات جي بي تي-5.
انتقادات الباحثين
قال الباحث البارز والناقد للذكاء الاصطناعي غاري ماركوس: بصراحة، لم أعتقد أن أوبن إيه آي ستحرق اسم علامتها التجارية على شيء بهذا المستوى المتوسط.
وأضاف «في عالم عقلاني، كان تقييمهم سينخفض»، مشيراً إلى أن أوبن إيه آي لم تحقق أي أرباح بعد، وتخفض الأسعار للحفاظ على عدد المستخدمين، وتفقد المواهب مع احتدام المنافسة.
شعور النقاد بالانتصار
بالنسبة لمنتقدين مثل ماركوس، فإن إخفاق تشات جي بي تي-5 كان بمثابة نوع من التبرير لمواقفهم.
كما أشار في تدوينة إلى أن نماذج أخرى مثل غروك المملوك لإيلون ماسك لا تحقق أداءً أفضل بكثير، وأن ردود الفعل السلبية حتى من أنصار الذكاء الاصطناعي تبدو كأنها نقطة تحول.
